لَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَمِنَ، فَجِئْتُ أُخِيفُ أَهْلَهُ، فَقَالَ: إِنَّا نَأْتِيكَ بِكُلِّ شَيْءٍ تُرِيدُ فَارْجِعْ، فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ، وَانْطَلَقَ يَسِيرُ نَحْوَهُ، وَتَخَلَّفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَقَامَ عَلَى جَبَلٍ فَقَالَ: لَا أَشْهَدُ مَهْلِكَ هَذَا الْبَيْتِ وَأَهْلِهِ، فَأَقْبَلَتْ مِثْلُ السَّحَابَةِ مِنْ نَحْوِ الْبَحْرِ حَتَّى أَظَلَّتْهُمْ طَيْرٌ أَبَابِيلُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَ الْفِيلُ يَعِجُّ عَجًّا فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ. وَقِصَّةُ أَصْحَابِ الْفِيلِ مَبْسُوطَةٌ مُطَوَّلَةٌ فِي كُتُبِ التَّارِيخِ وَالسِّيَرِ فَلَا نُطَوِّلُ بِذِكْرِهَا. وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ قَالَ: حِجَارَةٌ مِثْلُ الْبُنْدُقِ وَبِهَا نَضْحُ حمرة مختمة مع كل طائر ثلاثة حجار. حَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ، وَحَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ حَلَّقَتْ عليه مِنَ السَّمَاءِ ثُمَّ أَرْسَلَتْ عَلَيْهِمْ تِلْكَ الْحِجَارَةَ فَلَمْ تَعْدُ عَسْكَرَهُمْ. وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ وَالضَّحَّاكِ عَنْهُ: أَنَّ أَبَرْهَةَ الْأَشْرَمَ قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ يُرِيدُ هَدْمَ الْكَعْبَةِ. فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ يُرِيدُ مُجْتَمِعَةً، لَهَا خَرَاطِيمُ تَحْمِلُ حَصَاةً فِي مِنْقَارِهَا وَحَصَاتَيْنِ فِي رِجْلَيْهَا. تُرْسِلُ وَاحِدَةً عَلَى رَأْسِ الرَّجُلِ فَيَسِيلُ لَحْمُهُ وَدَمُهُ وَيَبْقَى عِظَامًا خَاوِيَةً لَا لَحْمَ عَلَيْهَا وَلَا جِلْدَ وَلَا دَمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنْهُ أَيْضًا: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ يَقُولُ: كَالتِّبْنِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ، وَالْوَاقِدِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ قَائِدَ الْفِيلِ وَسَائِسَهُ بِمَكَّةَ أَعْمَيَيْنِ مُقْعَدَيْنِ يَسْتَطْعِمَانِ.
وَأَخْرَجَ الْوَاقِدِيُّ نَحْوَهُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: وُلِدْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم عام الفيل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute