عِنْدَ اخْتِصَامِهِمْ فِي كَفَالَتِهَا، فَقَالَ زَكَرِيَّا: هُوَ أَحَقُّ بِهَا، لَكَوْنِ خَالَتِهَا عِنْدَهُ، وَهِيَ: أَشْيَعُ أُخْتُ حَنَّةَ أُمِّ مَرْيَمَ، وَقَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِهَا، لِكَوْنِهَا بِنْتَ عَالِمِنَا، فَاقْتَرَعُوا، وَجَعَلُوا أَقْلَامَهُمْ فِي الْمَاءِ الْجَارِي، عَلَى أَنَّ مَنْ وَقَفَ قَلَمُهُ وَلَمْ يَجْرِ مَعَ الْمَاءِ فَهُوَ صَاحِبُهَا، فَجَرَتْ أَقْلَامُهُمْ وَوَقَفَ قَلَمُ زَكَرِيَّا، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا مَنْ أَثْبَتَ الْقُرْعَةَ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مَعْرُوفٌ، وَقَدْ ثَبَتَتْ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ فِي اعْتِبَارِهَا.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا رَأَى زَكَرِيَّا ذَلِكَ، يَعْنِي: فَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ وَفَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ عِنْدَ مَرْيَمَ قَالَ: إِنَّ الَّذِي أَتَى بِهَذَا مَرْيَمَ فِي غَيْرِ زَمَانِهِ قَادِرٌ أَنْ يَرْزُقَنِي وَلَدًا، فَذَلِكَ حِينَ دَعَا رَبَّهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ الْحَسَنِ نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً يَقُولُ: مُبَارَكَةً.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ قَالَ: فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَنَادَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ أَنَّهُ قَالَ: فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ أَيْ: جِبْرِيلُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: الْمِحْرَابُ: الْمُصَلَّى. وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اتَّقُوا هَذِهِ الْمَذَابِحَ» يَعْنِي الْمَحَارِيبَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَتَّخِذُوا فِي مَسَاجِدِهِمْ مَذَابِحَ كَمَذَابِحِ النَّصَارَى» وَقَدْ رُوِيَتْ كَرَاهَةُ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ: يَحْيَى، لِأَنَّ اللَّهَ أَحْيَاهُ بِالْإِيمَانِ. وَأَخْرَجُوا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ قال: عيسى ابن مَرْيَمَ، هُوَ الْكَلِمَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْهُ قَالَ: كَانَ يَحْيَى وَعِيسَى ابْنَيِ الْخَالَةِ، وَكَانَتْ أُمُّ يَحْيَى تَقُولُ لِمَرْيَمَ: إِنِّي أَجِدُ الَّذِي فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِلَّذِي فِي بَطْنِكِ، فَذَلِكَ تَصْدِيقُهُ بِعِيسَى سُجُودُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَ بِعِيسَى. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوَهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَسَيِّداً قَالَ: حَلِيمًا تَقِيًّا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: السَّيِّدُ: الْكَرِيمُ عَلَى اللَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: السَّيِّدُ: الْفَقِيهُ الْعَالِمُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَسَيِّداً وَحَصُوراً قَالَ: السَّيِّدُ: الْحَلِيمُ، وَالْحَصُورُ: الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي الْحَصُورِ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْحَصُورُ: الَّذِي لَا يُنْزِلُ الْمَاءَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«كَانَ ذَكَرُهُ مِثْلَ هُدْبَةِ الثَّوْبِ» وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو مَوْقُوفًا، وَهُوَ أَقْوَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ شُعَيْبٍ الْجُبَّائِيِّ قَالَ: اسْمُ أُمِّ يَحْيَى: أَشْيَعُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ: بِالْحَمْلِ بِهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ:
إِنَّمَا عُوقِبَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ شَافَهَتْهُ بِذَلِكَ مُشَافَهَةً فَبَشَّرَتْهُ بِيَحْيَى، فَسَأَلَ الْآيَةَ بَعْدَ كَلَامِ الْمَلَائِكَةِ إِيَّاهُ، فَأَخَذَ عَلَيْهِ بِلِسَانِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا رَمْزاً
قَالَ: الرَّمْزُ: بِالشَّفَتَيْنِ. وَأَخْرَجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute