الشَّيْطَانِ، وَكَيْدٌ مِنْ عَدُوِّهِمْ لَهُمْ، فَأَلْقَوُا السِّلَاحَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَبَكَوْا، وَعَانَقَ الرِّجَالُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ انْصَرَفُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، قَدْ أَطْفَأَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَيْدَ عَدُوِّ اللَّهِ شَاسٍ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِ شَاسِ بْنِ قَيْسٍ وَمَا صَنَعَ: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى مَا تَعْمَلُونَ إِلَى قَوْلِهِ: وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ وَأَنْزَلَ فِي أَوْسِ بْنِ قَيْظِيٍّ، وَجُبَارِ بْنِ صَخْرٍ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُمَا مِنْ قَوْمِهِمَا الَّذِينَ صَنَعُوا مَا صنعوا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَى قَوْلِهِ:
وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ وَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ مُخْتَصَرَةً وَمُطَوَّلَةً مِنْ طُرُقٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: كَانُوا إِذَا سَأَلَهُمْ أَحَدٌ تَجِدُونَ مُحَمَّدًا؟
قَالُوا: لَا، قَالَ: فَصَدُّوا النَّاسَ عَنْهُ، وَبَغَوْا مُحَمَّدًا، عِوَجًا: هَلَاكًا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ: لِمَ تَصُدُّونَ عَنِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ نَبِيِّ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ فيما تقرؤون مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ وَلَا يَجْزِي إِلَّا بِهِ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ؟
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ قَالَ: يُؤْمِنْ بِهِ. وَأَخْرَجُوا عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: الِاعْتِصَامُ: الثِّقَةُ بِاللَّهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ قَالَ: أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى، وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى، وَيُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ.
وَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ مَرْفُوعًا بِدُونِ قَوْلِهِ: وَيُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ: أن يطاع فلا يعصى، فلم يستطيعوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ «١» وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: حَقَّ تُقاتِهِ قَالَ: لَمْ تُنْسَخْ وَلَكِنْ حَقَّ تُقَاتِهِ: أَنْ يُجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَلَا يَأْخُذَهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَيَقُومُوا لِلَّهِ بِالْقِسْطِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَآبَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، قَالَ السُّيُوطِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ قَالَ: حَبْلُ اللَّهِ: الْقُرْآنُ. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَمْدُودُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ: بِالْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: بِطَاعَتِهِ. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: بِعَهْدِهِ وَأَمْرِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ:
بِالْإِسْلَامِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً قَالَ: مَا كَانَ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ، حَتَّى قَامَ الْإِسْلَامُ فَأَطْفَأَ اللَّهُ ذَلِكَ وَأَلَّفَ بَيْنَهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ يَقُولُ: كُنْتُمْ عَلَى طَرَفِ النَّارِ، مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ وَقَعَ فِي النَّارِ، فَبَعَثَ اللَّهُ محمدا صلّى الله عليه وسلم واستنقذكم به من تلك الحفرة.
(١) . التغابن: ١٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute