للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ الطَّيِّبُ الَّذِي لَا تَنْغِيصَ فِيهِ وَقِيلَ: الْمَحْمُودُ الْعَاقِبَةِ، الطَّيِّبُ الْهَضْمِ وَقِيلَ: مَا لَا إِثْمَ فِيهِ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّهُ حَلَالٌ لَهُمْ خَالِصٌ عَنِ الشَّوَائِبِ، وَخَصَّ الْأَكْلَ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ مَا يُرَادُ بِالْمَالِ وَإِنْ كَانَ سَائِرُ الِانْتِفَاعَاتِ بِهِ جَائِزَةً كَالْأَكْلِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ قَالَ آدَمُ: وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها قَالَ: حَوَّاءُ مِنْ قَصِيرَيْ آدَمَ، أَيْ: قَصِيرَيْ أَضْلَاعِهِ.

وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ خُلْفِ آدَمَ الْأَيْسَرِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: مِنْ ضِلْعِ الْخُلْفِ وَهُوَ مِنْ أَسْفَلِ الْأَضْلَاعِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ قَالَ: تَعَاطَوْنَ بِهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أبي حاتم عن الرَّبِيعِ قَالَ: تُعَاقِدُونَ وَتُعَاهِدُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: يَقُولُ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جرير عن الحسن ونحوه. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ وَصِلُوهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً قَالَ: حَفِيظًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:

إِنَّ رَجُلًا مِنْ غَطَفَانَ كَانَ مَعَهُ مَالٌ كَثِيرٌ لِابْنِ أَخٍ لَهُ فَلَمَّا بَلَغَ الْيَتِيمُ طَلَبَ مَالَهُ، فَمَنَعَهُ عَمُّهُ، فَخَاصَمَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ: وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ يَعْنِي الْأَوْصِيَاءَ، يَقُولُ: أَعْطُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ يَقُولُ: لَا تَسْتَبْدِلُوا الْحَرَامَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْحَلَالِ مِنْ أَمْوَالِكُمْ، يَقُولُ: لَا تَذَرُوا أَمْوَالَكُمُ الْحَلَالَ، وَتَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمُ الْحَرَامَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإيمان عن مُجَاهِدٍ قَالَ: لَا تَعْجَلْ بِالرِّزْقِ الْحَرَامِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ الْحَلَالُ الَّذِي قُدِّرَ لَكَ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ قَالَ: مَعَ أَمْوَالِكُمْ، تَخْلِطُونَهَا، فَتَأْكُلُونَهَا جَمِيعًا إِنَّهُ كانَ حُوباً إِثْمًا.

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي الآية قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون النِّسَاءَ، وَلَا يُوَرِّثُونَ الصِّغَارَ، يَأْخُذُهُ الْأَكْبَرُ، فَنَصِيبُهُ من الميراث طيب، وهذا الذي يأخذه خَبِيثٌ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَعَ أَمْوَالِكُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى كَرِهُوا أَنْ يُخَالِطُوهُمْ، وَجَعَلَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ يَعْزِلُ مَالَ الْيَتِيمِ عَنْ مَالِهِ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم فأنزل الله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ «١» قَالَ: فَخَالَطُوهُمْ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا: أَنَّ عُرْوَةَ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى قَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي! هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ في حجر وليها تشركه في ماله وَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلَيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقِهَا فَيُعْطِيَهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا عَنْ أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَنِهِنَّ فِي الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ، وَأَنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ «٢» قَالَتْ عَائِشَةُ: وَقَوْلُ اللَّهِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ «٣» رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ، فَنُهُوا أن


(١) . البقرة: ٢٢٠.
(٢) . النساء: ١٢٧.
(٣) . النساء: ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>