للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ «١» أَيْ: زَوَّرَتْ طَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ لَهُمْ أَنْتَ وَتَأْمُرُهُمْ بِهِ، أَوْ: غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ لَكَ هِيَ مِنَ الطَّاعَةِ لَكَ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: غَيَّرُوا وَبَدَّلُوا وَحَرَّفُوا قَوْلَكَ فِيمَا عَهِدْتَ إِلَيْهِمْ، وَالتَّبْيِيتُ:

التَّبْدِيلُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَتَوْنِي فَلَمْ أَرْضَ مَا بَيَّتُوا ... وَكَانُوا أَتَوْنِي بِأَمْرٍ نُكُرْ

يُقَالُ: بيت الرجل الأمر: إذا دبره لَيْلًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ

وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ أَيْ: يُثْبِتُهُ فِي صَحَائِفِ أَعْمَالِهِمْ لِيُجَازِيَهُمْ عَلَيْهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى: يُنْزِلُهُ عَلَيْكَ فِي الْكِتَابِ، قَوْلُهُ: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ أَيْ: دَعْهُمْ وَشَأْنَهُمْ، حَتَّى يُمْكِنَ الِانْتِقَامُ مِنْهُمْ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: لَا تُخْبِرْ بِأَسْمَائِهِمْ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: لَا تُعَاقِبْهُمْ. ثُمَّ أَمَرَهُ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَالثِّقَةِ بِهِ فِي النَّصْرِ عَلَى عَدُوِّهِ، قِيلَ: وَهَذَا مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:

أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأَصْحَابًا لَهُ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! كُنَّا فِي عِزَّةٍ وَنَحْنُ مُشْرِكُونَ فَلَمَّا آمَنَّا صِرْنَا أَذِلَّةً؟ فَقَالَ: إِنِّي أُمِرْتُ بِالْعَفْوِ فَلَا تُقَاتِلُوا الْقَوْمَ، فَلَمَّا حَوَّلَهُ اللَّهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَمَرَهُ بِالْقِتَالِ فَكَفُّوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ المنذر عن قَتَادَةَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:

فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ الْآيَةَ، قَالَ: نَهَى اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَنْ يَصْنَعُوا صَنِيعَهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قَالَ: هُوَ الْمَوْتُ. وَأَخْرَجَا نَحْوَهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ: فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ قَالَ: فِي قُصُورٍ مُحَصَّنَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: هِيَ قُصُورٌ فِي السَّمَاءِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سُفْيَانَ نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُ: نِعْمَةٌ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ قَالَ: مُصِيبَةٌ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قَالَ: النِّعَمُ وَالْمَصَائِبُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ:

وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ قَالَ: هَذِهِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَفِي قَوْلِهِ: مَا أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ قَالَ: هَذِهِ فِي الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يَقُولُ: الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، أَمَّا الْحَسَنَةُ: فَأَنْعَمَ بِهَا عَلَيْكَ، وَأَمَّا السَّيِّئَةُ: فَابْتَلَاكَ بِهَا، وَفِي قَوْلِهِ: وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ قَالَ: مَا أَصَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ: أَنْ شُجَّ وَجْهُهُ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ قَالَ: هَذَا يَوْمُ أُحُدٍ، يَقُولُ: مَا كَانَتْ مِنْ نَكْبَةٍ فَبِذَنْبِكَ، وَأَنَا قَدَّرْتُ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقْرَأُ: وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَنَا كَتَبْتُهَا عَلَيْكَ قَالَ مُجَاهِدٌ: وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ أبيّ وابن


(١) . النساء: ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>