للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ مَكَانٍ وَمَكَانٍ وَزَمَانٍ وَزَمَانٍ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْهِجْرَةِ أَحَادِيثُ، وَوَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ.

وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَا هُوَ الْحَقُّ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمُنْتَقَى فَلْيُرْجَعْ إِلَيْهِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

كَانَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَسْلَمُوا وَكَانُوا يَسْتَخْفُونَ بِالْإِسْلَامِ، فَأَخْرَجَهُمُ الْمُشْرِكُونَ مَعَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَأُصِيبَ بَعْضُهُمْ وَقُتِلَ الْبَعْضُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: قَدْ كَانَ أَصْحَابُنَا هَؤُلَاءِ مُسْلِمِينَ وَأُكْرِهُوا فَاسْتَغْفِرُوا لَهُمْ، فَنَزَلَتْ بِهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالَ: فَكُتِبَ إِلَى مَنْ بَقِيَ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُمْ، فَخَرَجُوا، فَلَحِقَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَأَعْطَوْهُمُ الْفِتْنَةَ «١» ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةِ:

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ «٢» إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَكَتَبَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ فَحَزِنُوا وَأَيِسُوا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ «٣» فَكَتَبُوا إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لَكُمْ مَخْرَجًا فَاخْرُجُوا، فَخَرَجُوا، فَأَدْرَكَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى نَجَا مَنْ نَجَا، وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْهُ مُقْتَصِرًا عَلَى أَوَّلِهِ.

وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ إِلَى قَوْلِهِ: وَساءَتْ مَصِيراً قَالَ: نَزَلَتْ فِي قَيْسِ بْنِ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَالْحَارِثِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَقَيْسِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَبِي الْعَاصِ بْنِ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ، وَعَلِيِّ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعُهُمْ لِمَنْعِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَعِيرِ قُرَيْشٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، وَأَنْ يَطْلُبُوا مَا نِيلَ مِنْهُمْ يَوْمَ نَخْلَةَ، خَرَجُوا مَعَهُمْ بِشَبَابٍ كَارِهِينَ، كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوا، وَاجْتَمَعُوا بِبَدْرٍ عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ، فَقُتِلُوا بِبَدْرٍ كُفَّارًا، وَرَجَعُوا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَهُمْ هؤلاء الذين سميناهم. وقد أخرج نَحْوَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا مِنْ طُرُقٍ. وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه تلا هذا الْآيَةَ: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ فَقَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، أَنَا مِنَ الْوِلْدَانِ وَأُمِّي مِنَ النِّسَاءِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً قَالَ:

قُوَّةً. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جرير، وابن المنذر، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ:

لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً قَالَ: نُهُوضًا إِلَى الْمَدِينَةِ وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا قَالَ: طَرِيقًا إِلَى الْمَدِينَةِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً قَالَ: الْمُرَاغَمُ: الْمُتَحَوَّلُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ. وَالسَّعَةُ: الرِّزْقُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: مُراغَماً قَالَ: مُتَزَحْزَحًا عَمَّا يَكْرَهُ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ: وَسَعَةً قَالَ: وَرَخَاءً. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ قَالَ: سَعَةُ الْبِلَادِ. وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، قَالَ السُّيُوطِيُّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ: عَنِ ابْنِ عباس قال:


(١) . في ابن كثير، ط دار الأندلس [٢/ ٣٩٦] : التقية.
(٢) . العنكبوت: ١٠. [.....]
(٣) . النحل: ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>