كَانَتْ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ إِلَى اشْتِرَاطِ الْإِيمَانِ فِيهَا قِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْقَتْلِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ أَيْ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنَ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فَكَفَّارَتُهُ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقُرِئَ مُتَتَابِعَاتٍ حُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيٍّ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ مُقَيِّدَةً لِمُطْلَقِ الصَّوْمِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ: يُجْزِئُ التَّفْرِيقُ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ أَيْ ذَلِكَ الْمَذْكُورُ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَحَنِثْتُمْ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِحِفْظِ الْأَيْمَانِ وَعَدَمِ الْمُسَارَعَةِ إِلَيْهَا أَوْ إِلَى الْحِنْثِ بِهَا، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: كَذلِكَ إِلَى مَصْدَرِ الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ، أَيْ مِثْلُ ذَلِكَ الْبَيَانِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ بَيَانِ شَرَائِعِهِ وَإِيضَاحِ أَحْكَامِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: «لما نزلت يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمُ النِّسَاءَ وَاللَّحْمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ نَصْنَعُ بِأَيْمَانِنَا الَّتِي حَلَفْنَا عَلَيْهَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: لَا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي اللَّغْوِ قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْحَلَالِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: هُمَا الرَّجُلَانِ يَتَبَايَعَانِ، يَقُولُ أَحَدُهُمَا: وَاللَّهِ لَا أَبِيعُكَ بِكَذَا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: وَاللَّهِ لَا أَشْتَرِيهِ بِكَذَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ النَّخَعِيِّ قَالَ: اللَّغْوُ أَنْ يَصِلَ كَلَامَهُ بِالْحَلِفِ: وَاللَّهِ لَتَأْكُلَنَّ وَاللَّهِ لَتَشْرَبَنَّ وَنَحْوَ هَذَا لَا يُرِيدُ بِهِ يَمِينًا وَلَا يَتَعَمَّدُ حَلِفًا، فَهُوَ لَغْوُ الْيَمِينِ لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْبَقَرَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ قال: بما تعمدتم. وأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَيِّمُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ، وَفِي إِسْنَادِهِ النَّضْرُ بْنُ زُرَارَةَ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الذُّهْلِيُّ الْكُوفِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَتَضْعِيفُهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: كُنَّا نُعْطِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِالْمُدِّ الَّذِي نَقْتَاتُ بِهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: إِنِّي أَحْلِفُ لَا أُعْطِي أَقْوَامًا، ثُمَّ يَبْدُو لِي فَأُعْطِيهِمْ، فَأُطْعِمُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ كُلُّ مِسْكِينٍ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مثله. وأخرج عَنْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: تُغَدِّيهِمْ وَتُعَشِّيهِمْ إِنْ شِئْتَ خُبْزًا وَلَحْمًا أَوْ خُبْزًا وَزَيْتًا أَوْ خُبْزًا وَسَمْنًا أَوْ خُبْزًا وَتَمْرًا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute