للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ قَالَ: الْأَعْمَى الْكَافِرُ الَّذِي عَمِيَ عَنْ حَقِّ اللَّهِ وَأَمْرِهِ وَنِعَمِهِ عَلَيْهِ، وَالْبَصِيرُ:

الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ الَّذِي أَبْصَرَ بَصَرًا نَافِعًا فَوَحَّدَ اللَّهَ وَحْدَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ، وَانْتَفَعَ بِمَا أَتَاهُ اللَّهُ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ عبد الله ابن مَسْعُودٍ قَالَ: «مَرَّ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ صُهَيْبٌ وَعَمَّارٌ وَبِلَالٌ وَخَبَّابٌ وَنَحْوُهُمْ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ أَرَضِيتَ بِهَؤُلَاءِ مِنْ قَوْمِكَ أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَنَحْنُ نَكُونُ تَبَعًا لِهَؤُلَاءِ؟ اطْرُدْهُمْ عَنَّا، فَلَعَلَّكَ إِنْ طَرَدْتَهُمْ أَنْ نَتَّبِعَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمُ الْقُرْآنَ وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ إِلَى قَوْلِهِ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ. وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا السَّبَبَ مُطَوَّلًا ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَفِيهِ: أَنَّ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَقَرَظَةُ بْنُ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ نَوْفَلٍ وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ وَمُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بْنِ نَوْفَلٍ فِي أَشْرَافِ الْكُفَّارِ مِنْ عَبْدِ مَنَافٍ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: جَاءَ الْأَقْرَعُ بن حابس التميمي وعيينة ابن حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مُطَوَّلًا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ، وَالْأَقْرَعُ وَعُيَيْنَةُ إِنَّمَا أَسْلَمَا بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِدَهْرٍ. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: لَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سِتَّةٍ: أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَبِلَالٌ وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَرَجُلَانِ لَسْتُ أُسَمِّيهُمَا، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: اطرد هؤلاء عنك لا يجترءون عَلَيْنَا، فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ فَحَدَّثَ نَفْسَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ. وَقَدْ رُوِيَ فِي بَيَانِ السَّبَبِ رِوَايَاتٌ مُوَافِقَةٌ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَعْنَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ قَالَ: يَعْنِي الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ الصُّبْحُ وَالْعَصْرُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي الْآيَةِ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ لَا تَطْرُدْهُمْ عَنِ الذِّكْرِ. قَالَ سُفْيَانُ: أَيْ أَهْلِ الْفِقْهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ يَعْنِي أَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَهُمْ أَغْنِيَاءَ وَبَعْضَهُمْ فَقُرَاءَ، فَقَالَ الْأَغْنِيَاءُ لِلْفُقَرَاءِ: أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا يَعْنِي أَهَؤُلَاءِ هَدَاهُمُ اللَّهُ، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ اسْتِهْزَاءً وَسُخْرِيَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَيْ لَوْ كَانَ لَهُمْ كَرَامَةٌ عَلَى اللَّهِ مَا أَصَابَهُمْ هَذَا الْجُهْدُ.

وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مَاهَانَ قَالَ: أَتَى قَوْمٌ النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: إِنَّا أَصَبْنَا ذُنُوبًا عِظَامًا، فَمَا رَدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا فَانْصَرَفُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا الْآيَةَ. فَدَعَاهُمْ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ قَوْلَهُ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَانُوا إِذَا دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم بدأهم بالسلام، فَقَالَ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ وَإِذَا لَقِيَهُمْ فَكَذَلِكَ أَيْضًا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ قَالَ: نُبَيِّنُ الآيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>