أَبَدًا، وَإِدْخَالُ الْهَمْزَةِ عَلَى غَيْرِ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّ الْمُنْكَرَ هُوَ كَوْنُ الْمُبْتَغَى غَيْرَهُ سُبْحَانَهُ إِلَهًا، وَغَيْرُ مَفْعُولٌ لِلْفِعْلِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَإِلَهًا تَمْيِيزٌ أَوْ حَالٌ، وَجُمْلَةُ وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِكُمْ، بِمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ، مِنْ إِهْلَاكِ عَدُوِّكُمْ، وَاسْتِخْلَافِكُمْ فِي الْأَرْضِ، وَإِخْرَاجِكُمْ مِنَ الذُّلِّ وَالْهَوَانِ إِلَى الْعِزِّ وَالرِّفْعَةِ، فَكَيْفَ تُقَابِلُونَ هَذِهِ النِّعَمَ بِطَلَبِ عِبَادَةِ غَيْرِهِ؟ قَوْلُهُ وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ أَيْ: وَاذْكُرُوا وَقْتَ إِنْجَائِنَا لَكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا مَالِكِينَ لَكُمْ يَسْتَعْبِدُونَكُمْ فِيمَا يُرِيدُونَهُ مِنْكُمْ وَيَمْتَهِنُونَكُمْ بِأَنْوَاعِ الِامْتِهَانَاتِ، هَذَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مَحْكِيٌّ عَنْ مُوسَى، وَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي حُكْمِ الْخِطَابِ لِلْيَهُودِ الْمَوْجُودِينَ فِي عَصْرِ مُحَمَّدٍ، فَهُوَ بِمَعْنَى اذْكُرُوا إِذْ أَنْجَيْنَا أَسْلَافَكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، وَجُمْلَةُ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ حَالَ كَوْنِهِمْ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً لِبَيَانِ مَا كَانُوا فِيهِ مِمَّا أَنْجَاهُمْ مِنْهُ، وَجُمْلَةُ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ مُفَسِّرَةٌ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، أَوْ بَدَلٌ مِنْهَا. وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَفِي ذلِكُمْ إِلَى الْعَذَابِ، أَيْ: فِي هَذَا الْعَذَابِ الَّذِي كُنْتُمْ فِيهِ بَلاءٌ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ وَقِيلَ: الْإِشَارَةُ إِلَى الْإِنْجَاءِ، وَالْبَلَاءُ: النِّعْمَةُ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها قَالَ: الشَّامُ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: هِيَ فِلَسْطِينُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضْلِ الشَّامِ أَحَادِيثُ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى قَالَ:
ظُهُورُ قَوْمِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَتَمْكِينُ اللَّهِ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَمَا وَرَّثَهُمْ مِنْهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ قَالَ: يَبْنُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: تَمَاثِيلُ بَقَرٍ مِنْ نُحَاسٍ، فَلَمَّا كَانَ عِجْلُ السَّامِرِيِّ شُبِّهَ لَهُمْ أَنَّهُ مِنْ تِلْكَ الْبَقَرِ، فَذَلِكَ كَانَ أَوَّلَ شَأْنِ الْعِجْلِ لِيَكُونَ لِلَّهِ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ فَيَنْتَقِمُ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ حُنَيْنٍ فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رسول الله! اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أَنْوَاطٍ، وَكَانَ الْكُفَّارُ يَنُوطُونَ سِلَاحَهُمْ بِسِدْرَةٍ وَيَعْكُفُونَ حولها، فقال النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ، إِنَّكُمْ تَرْكَبُونَ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ» . وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا، وَكَثِيرٌ: ضَعِيفٌ جِدًّا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ مُتَبَّرٌ قَالَ: خُسْرَانٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ قال: هلاك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute