للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَقْضِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ: جَمَعَهُمْ لِيَقْضِيَ. وَجُمْلَةُ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ بَدَلٌ مِنَ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، أَيْ: لِيَمُوتَ مَنْ يَمُوتُ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَيَعِيشَ عَنْ بَيِّنَةٍ لِئَلَّا يَبْقَى لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ حجة وقيل: الهلاك والحياة مستعار لِلْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ، أَيْ: لِيَصْدُرَ إِسْلَامُ مَنْ أَسْلَمَ عَنْ وُضُوحِ بَيِّنَةٍ، وَيَقِينٍ بِأَنَّهُ دِينُ الْحَقِّ وَيَصْدُرَ كُفْرُ مَنْ كَفَرَ عَنْ وُضُوحِ بَيِّنَةٍ، لَا عَنْ مُخَالَجَةِ شُبْهَةٍ. قَرَأَ نَافِعٌ وَخَلَفٌ وَسَهْلٌ وَيَعْقُوبُ وَالْبَزِّيُّ وَأَبُو بَكْرٍ مَنْ حَيِيَ بِيَاءَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْإِدْغَامِ، وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ، لِأَنَّهَا كَذَلِكَ وَقَعَتْ فِي الْمُصْحَفِ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ أَيْ: سَمِيعٌ بِكُفْرِ الْكَافِرِينَ، عَلِيمٌ بِهِ، وَسَمِيعٌ بِإِيمَانِ الْمُؤْمِنِينَ، عَلِيمٌ بِهِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: ثُمَّ وَضَعَ مَقَاسِمَ الْفَيْءِ، فَقَالَ وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ الَّذِي كَانَ مَضَى مِنْ بَدْرٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْحَاكِمُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ الْجَدَلِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ قَالَ: هَذَا مِفْتَاحُ كَلَامٍ، لِلَّهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى فَاخْتَلَفُوا بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ. قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: سَهْمُ ذِي الْقُرْبَى لِقَرَابَةِ رسول الله، وَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: سَهْمُ ذِي الْقُرْبَى لِقَرَابَةِ الْخَلِيفَةِ، وَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: سَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ، وَاجْتَمَعَ رَأْيُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ فِي الْخَيْلِ وَالْعُدَّةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَكَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً فَغَنِمُوا، خَمَّسَ الْغَنِيمَةَ فَضَرَبَ ذَلِكَ فِي خُمُسِهِ، ثُمَّ قَرَأَ وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ الْآيَةَ، قَالَ قَوْلُهُ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ مِفْتَاحُ كَلَامٍ، لِلَّهِ مَا في السّموات وَمَا فِي الْأَرْضِ، فَجَعَلَ اللَّهُ سَهْمَ اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَاحِدًا وَلِذِي الْقُرْبى فَجَعَلَ هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ قُوَّةً فِي الْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ، وَجَعْلَ سَهْمَ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ لَا يُعْطِيهِ غَيْرَهُمْ، وَجَعَلَ الْأَرْبَعَةَ الْأَسْهُمَ الْبَاقِيَةَ لِلْفَرَسِ سَهْمًا وَلِرَاكِبِهِ سَهْمًا وللراجل سهما. وأخرج ابن جرير وأبو الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ: كَانَتِ الْغَنِيمَةُ تُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ: فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا بَيْنَ مَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا، وَخُمُسٌ وَاحِدٌ يُقَسَّمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ، فَرُبُعٌ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القربى، يَعْنِي قَرَابَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا كَانَ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ فَهُوَ لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَأْخُذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخُمُسِ شَيْئًا، وَالرُّبُعُ الثَّانِي لِلْيَتَامَى وَالرُّبُع الثَّالِثُ لِلْمَسَاكِينِ وَالرُّبْعُ الرَّابِعُ لِابْنِ السَّبِيلِ، وَهُوَ الضَّيْفُ الْفَقِيرُ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ الْآيَةَ قَالَ: كَانَ يُجَاءُ بِالْغَنِيمَةِ فَتُوضَعُ، فَيُقَسِّمُهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ، فَيَعْزِلُ سَهْمًا مِنْهَا وَيُقَسِّمُ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ بَيْنَ النَّاسِ، يَعْنِي لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ، ثُمَّ يَضْرِبُ بِيَدِهِ فِي جَمِيعِ السَّهْمِ الَّذِي عَزَلَهُ، فَمَا قَبَضَ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ. فَهُوَ الَّذِي سَمَّى اللَّهُ، لَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ نَصِيبًا فَإِنَّ لِلَّهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ- ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى بَقِيَّةِ السَّهْمِ فَيُقَسِّمُهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لِلنَّبِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>