[نصيحة في كيفية التعامل مع الفتن التي تمر بالأمة الإسلامية]
السؤال
لا يخفى ما يمر به العالم الإسلامي في هذا الزمان الذي تكالب فيه أعداء الإسلام، فما توجيهكم لنا في مقابل هذه الفتن؟ وما هي الطريقة الصحيحة في التعامل مع ما يعرف بشبكة المعلومات من الأخبار؟
الجواب
أما بالنسبة لما يتعرض له العالم الإسلامي فلا شك أن السنوات الأخيرة حصلت فيها فتن عظيمة في حياة المسلمين وكبيرة، فينبغي في التعامل مع هذه الفتن عدة أمور: الأمر الأول: الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله على فهم السلف، والعناية بطلب العلم وإدراك العلم إدراكاً صحيحاً.
الأمر الثاني: الالتفاف حول أهل العلم، وأن يحرص الإنسان على استفتاء العلماء، وأن يبتعد عن الاجتهاد الفردي، فإن الاجتهاد الفردي يضر به ويضر بالآخرين، فينبغي أن يحرص على أنه إذا مر عليه إشكال في فتنة أن يأتي إلى أهل العلم ويستفتيهم.
ومن أعظم الأخطاء في الحقيقة: وجود بعض الدعاة أو بعض الصالحين الذين يقعون في أعراض أهل العلم، فيتهمون بعضهم بالعمالة، ويتهمون بعضهم بالنفاق، وقد يلعنونهم، وقد يسبونهم ويشتمونهم، وهذا كله -والعياذ بالله- من الغلو ومن الإثم، فينبغي البعد عن هذا الأمر، وأن يحرص الإنسان على احترام أهل العلم وتقديرهم، والحرص على الاجتماع معهم.
وهذا لا يعني أنه إذا أخطأ عالم من العلماء أن يتبعه الإنسان في خطئه، فإذا أخطأ عالم من العلماء فلست ملزماً باتباعه في خطئه، لكن هناك فرق بين أن يرد عليه ولا يتبع، وبين السب والشتم وقلة الأدب مع أهل العلم، لا شك أن هذا مذموم، وأنه ينبغي على الإنسان أن يحرص دائماً على احترام أهل العلم وتقديرهم حتى ولو وقع بعضهم في شيء من الخطأ وشيء من الزلل، فهذا خلق مهم ينبغي أن يكون عند الإنسان خصوصاً مع أهل العلم وأهل الفضل.
الأمر الثالث: أن أحداث الفتن العامة هذه ينبغي أن تكون شورى بين الدعاة والمصلحين عموماً، وأن يبتعد الأشخاص عن الأعمال الفردية التي لا يكون لها فائدة في كثير من الأحيان.
الأمر الرابع: أن يبتعد الإنسان عن الأفكار الشاذة والأفكار التي تكون فيها شيء من الغلو، فليس كل حماس ولا كل موقف شديد يكون صالحاً.
وكثير من الناس مع الأسف يتصور أن بعض الدعاة -مثلاً- ليس لهم موقف، أو أن بعض العلماء ليس لهم موقف قوي من الحكومات، فيفهم من هذا أنهم ليسوا على المستوى المطلوب! وهذا خطأ، فليس قوة الموقف هو المعيار على صحة هذا الموقف أو عدم صحته، فينبغي إدراك هذه القضية إدراكاً جيداً، والمهم في هذا هو أن يحرص الإنسان على اتباع السنة وعلى الحذر من الوقوع في البدع، وعلى البعد عن المتشابهات، فإذا كان عندك أمران: أمر واضح بَيّن وأمر مشتبه فرد المشتبه إلى الواضح البين، وإياك والمتشابهات؛ فإن المتشابهات كثيراً ما تهلك الناس! وأما ما يتعلق بالمعلومات التي تعرض في الإنترنت أو غيرها، فالإنترنت هي عبارة عن حياة مفتوحة يوجد فيها الكذاب، ويوجد فيها الخبيث، ويوجد فيها السيئ، ويوجد فيها أصحاب العقول المستقيمة، ويوجد فيها أصحاب العقول المخرفة والمنحرفة والضالة، ويوجد العاقل والمجنون، وتشمل جميع فئات وأطياف الناس، فينبغي للإنسان أن يكون حذراً وألا يقبل كل شيء، فهناك مواقع مثلاً قد تكون مفيدة لبعض العلماء أو بعض الصالحين المعروفين، فتحترم نفسها وتحسن للناس بتقديم مادة علمية مفيدة، وهناك منتديات يكتبها أشخاص بأسماء وهمية مستعارة لا تعرف، فقد يكتب -كما قلت لكم- شخص نصراني متقمصاً شخصية داعية مجاهد من أحسن الناس، ثم يكتب عن أمور فيها انحراف وخطورة على عقيدة الإنسان، وفي بعض الأحيان قد لا تكون واضحة، ما دام أن الأسماء مجهولة ومستعارة غير معروفة فيصبح بريق الألفاظ وحسن العبارة وتنميق الكلام هو المؤثر في النفس، وأنت ينبغي عليك أن تبتعد عن مثل هذه المصادر، فهذه ليست مصادر موثوقة سواء في الأخبار، أو حتى في بناء المواقف وبناء الأفكار والعقائد، فينبغي الحذر من هذه القضية!