[القدر في الواسطية]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: [وتؤمن الفرقة الناجية من أهل السنة والجماعة بالقدر خيره وشره.
والإيمان بالقدر على درجتين، كل درجة تتضمن شيئين].
نجد أن بعض العلماء يجعل الترتيب أو التقسيم العلمي في درجات القدر على درجتين، ويجعل كل درجة على مرتبتين، وبعضهم يأتي بها جميعاً ويجعلها أربعاً دفعة واحدة، وأنها مراتب، وهذا تقسيم فني اصطلاحي.
قال: [الدرجة الأولى: الإيمان بأن الله تعالى عليم بالخلق، وهم عاملون بعلمه القديم].
هذه الدرجة هي علم الله عز وجل الشامل لكل شيء، ومنه أفعال العباد الذي قد رتب عليها سبحانه وتعالى الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة.
فالعلم هنا علم خاص وليس هو الصفة بعمومها، ومن ضمن صفة العلم: العلم بأفعال العباد؛ لأن المشكلة في موضوع القدر، هو ما يتعلق بأفعال العباد.
قد تجد مثلاً إنساناً يثبت العلم كله إلا العلم بأفعال العباد، وهذا كفر، وقد انقرضت الطائفة التي كانت ترى هذا الرأي.
لكن لا يوجد مسلم ولا توجد طائفة من طوائف المسلمين تقول: إن الله عز وجل ليس بعالم مطلقاً بل هو جاهل، لكن يوجد من يقول: إنه غير عالم بأفعال العباد، لأن عنده إشكالاً في مسألة أفعال العباد، كيف يرتب الثواب والعقاب عليها وقد كتبها مسبقاً؟! فالعلم الذي هو مرتبة من مراتب القضاء والقدر علم خاص، أو نوع من أنواع العلم، وهو العلم المتعلق بأفعال العباد.
ويلاحظ أن الصفات الموجودة مثل العلم والكتابة والمشيئة والخلق صفات عامة في مرتبة القدر، والمراد منها هو ما يتعلق بزاوية أفعال العباد، يعني: أساس باب القدر علم الله بأفعال العباد، وكتابة الله لأفعال العباد، ومشيئة الله المتعلقة بأفعال العباد، وخلق الله لأفعال العباد، لكن هذه المراتب الأربع لها جوانب أخرى غير متعلقة بأفعال العباد.
العلم: هناك علم بأشياء ليست متعلقة بأفعال العباد، مثل العلم بأحوال المخلوقات الأخرى، والكواكب، وما خلقه الله عز وجل من مخلوقات ليست من العباد الذين هم مناط التكليف.
الكتابة: كتب الله عز وجل التوراة بيده، وكتب أشياء أخرى ليست في أفعال العباد.
وأيضاً المشيئة، وهكذا الخلق، فالله عز وجل له مخلوقات مثل أفعال العباد، وله مخلوقات أخرى.
ينبغي ملاحظة هذه القضية، وهي أن القدر يدور حول أفعال العباد، فالمرتكز الأساسي في باب القدر هو أفعال العباد.