{وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[يونس:١٠٧]، اسمان يتضمنان صفة المغفرة وصفة الرحمة، ويقول:{فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[يوسف:٦٤]، وصفة الرحمة أولها الأشاعرة والمعتزلة والماتريدية إلى إرادة الإحسان، يقولون: هو ليس برحيم، ولهذا بعض الأحيان قد تجدون مفسراً من المفسرين يأتي إلى بسم الله الرحمن الرحيم ويقول: الرحمن الرحيم من أسماء الله عز وجل، ومعناها إرادة الإحسان، فهذا تأويل.
وهناك فرق بين التأويل وبين تفسير الصفة بلازمها، فالتأويل نفي وتفريغ للصفة من حقيقتها، وتفسير لها بردها إلى صفة أخرى، فردوا المحبة إلى الإرادة، وردوا الغضب إلى الإرادة، وردوا الرحمة إلى الإرادة، وردوا كل الصفات الاختيارية والفعلية إلى الإرادة، بينما التفسير بلازم الصفة هو أن يذكر مقتضى أو لازم من لوازم هذه الصفة دون أن ينفيها، مثل قول ابن عباس في الساق مثلاً:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}[القلم:٤٢]: عن شدة وكرب، وصحيح أنه إذا كشف الساق حصلت الشدة والكرب، ولهذا إذا أمرهم الله عز وجل أن يسجدوا لا يستطيعون السجود، فهناك كرب حقيقي، لكن هل كلام ابن عباس يقتضي نفي الصفة؟ هذا الكلام من ابن عباس لا يقتضي نفي الصفة، وإنما هو تفسير للشيء بلازمه، وهذا ما يسمى في البلاغة بالكناية، ويقولون: إن الكناية لا تنفي الحقيقة بعكس المجاز، فالمجاز ينفي الحقيقة ويفسرها بمعنى آخر، فقولهم مثلاً: طويل العماد كثير الرماد، هو كناية عن الكرم، فإن الكريم يكون بيته ظاهراً وواضحاً، والرماد عنده كثير من كثرة الضيوف الذين يأتونه، لكن ممكن أن تقول: الكريم الآن ليس عنده عماد، بل عنده بيت مبني مسلح، وتقول: وكذلك ليس عنده رماد؛ لأنه يسويها على بوتاجاز، فهي نار ليس لها ارتباط بالرماد، فيقولون: إن الكناية لا يلزم منها بالضرورة نفي الحقيقة.