للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة الحكم بغير ما أنزل الله]

الحكم بغير ما أنزل الله وقع فيه لبس كبير في حياة المسلمين؛ لأن الناس يخلطون بين المسائل؛ لكن عند التمييز فإن المسائل تتضح، فالحكم بغير ما أنزل الله اسم عام، يقع على أنواع متعددة، منها ما هو كفر بالله عز وجل قطعاً، ومنها ما ليس كفراً، وإنما هو من الذنوب والمعاصي، فمن الحكم بغير ما أنزل الله وهو من الذنوب والمعاصي أن القاضي الذي يحكم بالشريعة يحكم في هذه المسألة بالرشوة مثلاً، أو بمجاملة حاكم من الحكام، أو صديق من الأصدقاء، أو قريب من الأقارب، فهذا حكم بغير ما أنزل الله، لكنه لا يكون مخرجاً من الملة، بل هذا من أصحاب الكبائر، والكفر الذي وقع فيه هو كفر أصغر، ليس بأكبر.

أما ما هو كفر فكالذي يستبدل شريعة بدل الشريعة، كما هو واقع في كثير من بلاد المسلمين، حيث تأتي حكومة من الحكومات فتنحي الدين كله، وتنحي أحكام الله عز وجل الشرعية فيما يتعلق بالدماء وفيما يتعلق بالأعراض، وفيما يتعلق بالعقار والأملاك، ويجعلون الدين محصوراً في الأحوال الشخصية فقط، مثل الزواج والنكاح، والإرث، وتقسيم الميراث، هذه الأحوال الشخصية، يجعلها القضاة حسب المذهب الذي فيه البلد، لكن في القتل يختلف الحكم، ففي حد الردة، مثلاً: يأتي شخص ويكفر بالله علانية ولا يطبقون عليه حد الردة، إما أن يجعلوا عليه غرامة ألف ريال، أو يسجنوه أسبوعاً أو أسبوعين ويطلقون سراحه، هذا في حالة أنه حوكم، لكن في بعض البلاد قد لا يحاكم.

فمن بدل الدين ونحى الشريعة عن الحكم، وجاء بقانون استورده أو اخترعه في شئون الناس، موضع للزنا أحكاماً من رأسه، وكذلك شرب الخمر والقتل والردة لا شك أنه من المرتدين؛ لأن هذا إعراض تام عن دين الله عز وجل، وإذا كان هذا النوع ليس بكفر فإنه ليس في دين الله كفر أصلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>