ونلاحظ أن ابن قدامة رحمه الله يقول:(ومن السنة كذا)، والسنة مصطلح يراد به عدة معان: فيراد به المعنى العام، وهو طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله وأفعاله، وهذا المعنى العام يشمل الواجب والمستحب، ويشمل ما أباحه النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:(من رغب عن سنتي فليس مني)، فمعنى هذا: أن الراغب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم يعاقب.
هذا المعنى العام للسنة، وهذا أصبح يستخدم عند علماء أهل السنة في باب العقيدة، فنجد أن بعض العلماء ألفوا كتباً سموها السنة، ويقصدون بها العقيدة، كالسنة للخلال، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، وهناك السنة لـ عبد الله ابن الإمام أحمد، والسنة للمروزي، وأصول السنة لـ ابن أبي زمنين، واللطيف في السنة لـ ابن شاهين، هذه كلها كتب في العقيدة كتبها العلماء السابقون، وسموها بالسنة؛ أي: العقيدة الصحيحة؛ لأن اتباع الكتاب والسنة واجب، والفرق الضالة خالفت الكتاب والسنة، فتميز أهل السنة بها وأصبحت علماً وشعاراً بالنسبة لهم.
والمعنى الثاني للسنة هو معناها في اصطلاح الفقهاء، وهو ما لا يعاقب تاركه ويثاب فاعله، وهذا مصطلح حصل عند المتأخرين كمقابل للواجب، لكن عامة العلماء في كتب العقيدة إذا قالوا: ومن السنة كذا، والسنة كذا فإنهم يقصدون بها المعنى العام، يعني: اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والتي في كثير من الأحيان تكون واجبة، ومخالفتها بدعة وإثم.