[هجر المبتدعين]
قال رحمه الله: [ومن السنة: هجران أهل البدع].
وهناك أبواب في كتب العقيدة الكبيرة تبين ضرورة هجران أهل البدع، وخصوصاً في هذا الزمان، فمن أشهر البدع التي يجب هجران أهلها التشيع، ودعوى التقريب بين الشيعة والسنة دعوى فارغة لا قيمة لها؛ لأن الشيعة نشئوا آخر القرن الأول، وإلى اليوم وهم موجودون وكتبهم موجودة، وأئمتهم موجودون، وحسينياتهم التي نشأت متأخرة موجودة.
ودعاوى التقريب حصلت في أكثر من دولة، وتكونت لهم دول وسقطت، ومع هذا لم يحصل هناك تقريب، فدعاوى التقريب في كثير من الأحيان دعاوى سياسية أكثر مما تكون دعاوى عقدية الهدف منها الوصول إلى نتائج، لأن الخلاف مع الشيعة يتعلق بالجذور والأصول، فهم يكفرون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم إلا ثلاثة، أو أربعة، فكيف نتفق معهم؟ وكيف نتحاور معهم؟ وكيف نعتبرهم مسلمين؟ إذا كان أبو بكر كافراً، وعمر كافراً، وعثمان كافراً، وأبو هريرة كافراً، وابن عمر كافراً، وعائشة أيضاً وغيرهم فكيف يمكن الحوار؟ ولا تتصورا أن دعوات التقريب نشأت الآن، فإنها قد نشأت منذ وقت، وتبنتها جهات كثيرة بعضها مشبوهة، وحاولت هذه الجهات أن تجمع بين علماء الشيعة وعلماء أهل السنة، لكن لم يصلوا إلى نتيجة، فانتهت الدعاوى القديمة وبدأت الدعاوى الجديدة بالذات بعد سقوط العراق، وبدأت الحركة الشيعية تنمو, وصاروا يقومون مع الشيعة مقابلات تلفزيونية، وتنقل صورهم عبر الفضائيات، وكثير من المسلمين لا يدركون أن عقائد الشيعة عقائد كفرية، وهؤلاء من السطحيين.
والمشكلة عندما يتكلم شخص سطحي غير متخصص.
بعضهم يقول: أنتم تأتون إلى كتب الشيعة فتأخذون الشاذ منها وتجمعونه في كتاب واحد، وتقولون هذه عقائد الشيعة، فأنتم ظلمة! فنقول: الظالم هو الجاهل؛ لأن هؤلاء الأشخاص لم يطلعوا على كتب الشيعة أصلاً، لأن كل كتاب من الكتب الشيعية له عمود فقري، أو له أبواب أصلية وأساسية، لو حذفت تلك الأبواب لسقط الكتاب، فلو حذفنا باب الأسماء والصفات والإيمان والقدر والصحابة من هذه الكتب فإنه سيكون الكتاب ليس له قيمته العلمية السابقة، فلو جئنا إلى كتاب (بحار الأنوار) وحذفنا تكفير الصحابة، وعصمة الأئمة، وحذفنا الكلام في القرآن، فإنه لن يبقى من كتاب بحار الأنوار شيء، ولا يكون له أي قيمة علمية، لكن كثيراً من الناس لا يدرك ولا يفهم ويظن أنه من أفهم الناس، وهنا تكون المشكلة، وهذا هو مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: (وينطق فيهم الرويبضة وهو الرجل التافه يتكلم في أمر العامة)، حتى لو كان رجلاً صاحب هيئة وصاحب مكانة وصاحب منزلة، لكنه في هذا الباب تافه ليس من أهل العلم فيه، فالواجب أن يتكلم الإنسان بعلم أو يسكت، وإذا لم يكن من أهل العلم فلا يتكلم.
وكثير من الناس -حتى من المنتسبين إلى الدعوة الإسلامية- يحاول أن يهون الخلاف مع الشيعة ويصور أنه خلاف سطحي، وأن المسألة عادية، وهذا فهم فاسد.
قال رحمه الله: [ومن السنة هجران أهل البدع ومباينتهم، وترك الجدال والخصومات في الدين، وترك النظر في كتب المبتدعة والإصغاء إلى كلامهم -كل هذا من هجرهم- وكل محدثة في الدين بدعة، وكل متسم بغير الإسلام والسنة مبتدع كالرافضة].
سموا رافضة لأنهم كانوا مع زيد بن علي بن الحسين فسألوه عن الشيخين، فتولى أبا بكر وعمر فرفضوه، وقال: رفضتموني، فسموا رافضة.
قال: [والجهمية والخوارج والقدرية والمرجئة والمعتزلة والكرامية والكلابية ونظائرهم].
أي: هذه طوائف من الفرق الضالة، وقد تحدثنا عنها في دورة الفرق والمذاهب المعاصرة.
[فهذه هي فرق الضلال وطوائف البدع أعاذنا الله منها، وأما النسبة إلى إمام في الفروع، كالطوائف الأربع فليس بمذموم؛ فإن الاختلاف في مسائل الفروع رحمة، والمختلفون فيه محمودون].
والخلاف شر وليس فيه محمدة أصلاً، لكن لأن الأدلة فيها خفاء صار العذر؛ ولهذا ألف ابن تيمية كتاب: رفع الملام عن الأئمة الأعلام.
قال رحمه الله: [مثابون في اجتهادهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهد المجتهد فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر).
قال: [واختلافهم رحمة واسعة].
لا شك أن حديث: (اختلاف أمتي رحمة) حديث باطل وموضوع، وأن الخلاف شر كله، ولكن قد يكون رحمة باعتبار أن الأدلة التي يكون فيها خفاء يعذر من خالف فيها الحق؛ لأن الحق حتى في مسائل الاجتهاد واحد غير متعدد.
قال رحمه الله: [واتفاقهم حجة قاطعة -يعني: إجماعهم- نسأل الله أن يعصمنا من البدع والفتنة ويحيينا على الإسلام والسنة ويجعلنا ممن يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحياة، ويحشرنا في زمرته بعد الممات برحمته وفضله آمين.
وهذا آخر المعتقد، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً].