[أهمية إصلاح المجتمع وإنكار المنكرات]
وينبغي أن نحرص على إصلاح المجتمع وعلى إنكار المنكر؛ لأنه متى ما فسد المجتمع فإننا سنواجه هذه المشكلات، ثم إذا أراد الإنسان أن يذهب يتنزه مع أهله فلن يجد أماكن مناسبة؛ بسبب فشو المنكر وظهوره، وإذا أراد أن يخرج مع أطفاله إلى مكان يلعبون فيه فقد يواجه منكرات، ولهذا ينبغي علينا أن نحيي روح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لو أن كل واحد منا أدى دوره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأصلحنا المجتمع بإذن الله ولا يتكلم الإنسان بما لا يعلم، ولا يكون بعيداً عن الآداب، بل ينبغي عليه أن ينكر المنكر بأدب ومع الأسف فإن كثيراً من الدعاة والصالحين والذين يحضرون الدروس والمحاضرات سلبيين، يرون المنكر بين أيديهم فلا يتكلمون، مع أنه ليس من الصعب الكلام باللسان، كأن يقول: يا أخي الكريم هذا الأمر الذي أنت عليه من المنكرات، ويذكره بالله عز وجل، وبالجنة وبالنار، وحتى لو أساء في الكلام فلن تكون إساءته أشد من الإساءة التي أسيء بها لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قيل له: مجنون وساحر، وقيل له ألوان متعددة من الكلام السيئ.
وهكذا إذا قرأ إنسان مقالاً في صحيفة مخالفاً للمعلوم من الدين بالضرورة، أو فيه مدح لزنديق من الزنادقة، أو لطاغوت من الطواغيت فيمكن للإنسان أن يرفع السماعة إما على الجريدة نفسها أو على الكاتب نفسه، ويذكره بالله سبحانه وتعالى وينصحه، وعندما تكثر هذه النصائح والتذكير في المجتمع سيتراجع المنكر ويضعف.
ومع الأسف فإن كثيراً من أصحاب المنكرات يقومون بأعمالهم، وليس عندهم تصريح فيما يقومون به، أو يقومون به جرأة وعدم اهتمام بالناس، وإذا وجدوا من يتكلم بالأدب وبالحسنى فإنهم سيتراجعون بإذن الله تعالى، وسيخف المنكر، ولكن عندما نسكت فإن المنكر ينتشر أكثر، بل ربما أثر على كثير من الصالحين فيتراجعون عن طريق الهداية، وحينئذ ستكون خسارتنا كبيرة، ونحن نملك ولله الحمد روحاً عظيمة، فينبغي أن نشارك بمثل هذه الروح، ونملك ولله الحمد هداية ونوراً على الشيء الذي نقوله، وإذا كنا ضعافاً فالضعف إنما هو بسببنا وبسبب تقصيرنا وعندما يقوم الإنسان بإنكار المنكر- كأن يسمع مثلاً شاباً يسمع ديسكو أو أغانٍ بصوت مرتفع فلينصحه وليذكره، ولا يرفع صوته عليه وليعط نموذجاً حسناً للمحتسب الصادق المؤدب، وليجمع بين هذه الثلات الصفات: الاحتساب والصدق في نفس الوقت والأدب، بحيث يشعر من ينكر عليه المنكر أنه محب له، وليس هدفه الانتقاص منه، وإيقافه عند حده، فهذه الروح ينبغي أن توجد فينا! وعندما يقوم الإنسان بعمل منكر ويشعر أن إنساناً يأتي إليه وهو صادق، ويتمنى له الخير، ويذكر له المشاعر التي يشعر بها، كأن يقول له: يا أخي! أتمنى لك الخير، والابتعاد عن هذه المعصية؛ لأن فيها ضرراً على دنياك وعلى آخرتك، وأتمنى لك كذا، وأسأل الله لك كذا، وتكلم معه بالكلام الحسن، ولو أن كل أحد من هذه الأعداد المتكاثرة من الشباب والدعاة والصالحين الذين يحضرون المحاضرات تكلم مجرد كلام فستتغير كثير من المنكرات الموجودة.
ولهذا فالسبب في كثير من الأحيان هو منا نحن، فقد اعتدنا على السلبية، فإذا رأى أحد منا منكراً من المنكرات قال: على كبار العلماء أن ينصحوا، وكبار العلماء قد رأوا هذه المنكرات الجزئية والتفصيلية، وليس بصحيح أن نلقي اللائمة والاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على العلماء الكبار، فما دام أنه بإمكاننا أن ننكر المنكر فعلينا إنكاره، فهذا هو المطلوب منا، وهو واجب علينا شرعاً، والله عز وجل عندما ذم بني إسرائيل قال: {كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:٧٩]، فذم ما كانوا يفعلونه من ترك التناهي، قال ابن عطية رحمه الله: لو كانوا يتعاطون الكئوس كل واحد منهم يعطي الآخر، لكان واجباً على كل واحد أن ينهى الآخر عن هذا المنكر.
فكيف بنا ونحن عندنا ولله الحمد قدرة، والمجتمع ما زال على خير، ولكن تكاسلنا هو الذي يسبب انتشار المنكر، ولو كان فينا جرأة وشجاعة أدبية منضبطة لأوقفناه.
وأنا أطالب الإخوة ألا ينكروا المنكر بطريقة غير صحيحة، فبعض الأشخاص عندما ينكرون المنكر على شخص يسبونه ويتكلمون عليه، وهم بهذه الطريقة يعطون انطباعاً غير صحيح؛ لأنهم ليست لديهم سلطة يستطيعون أن يجبروا الخلق عليها في زمن يستطيع الإنسان أن يأتي فيه بالمنكر إلى داخل بيته مع الأسف، فلنعط صورة حسنة، وانطباعاً حسناً عن الصالحين وعن المحتسبين، من خلال الكلمة الطيبة، وإبداء المشاعر الطيبة، فينبغي أن يكون لنا دور في إضعاف وتقليل مجالس وأماكن اللهو والفساد.
فمثلاً: رأينا شاباً يعاكس فلنتكلم معه ولننصحه ونذكره بالله، وإذا افترضنا في أسوأ الحالات أنه تكلم علينا كلاماً سيئاً فإن لنا الأجر عند الله عز وجل، ولكن بشرط أن نتكلم ويكون كلامنا ممتازاً، وأما إذا تكلمنا بكلام سيئ، فطبيعي أن يكون الرد سيئاً، وإذا جئنا إلى شخص وتكلمنا عليه كلاماً سيئاً فلن يرد علي