[ذكر ما جاء في الكرامات]
بقي معنا موضوع الكرامات من كتاب الواسطية.
والكرامات: جمع كرامة، والكرامة هي الأمر الذي يكون فيه خرق للعادة، ويكون لولي من أولياء الله عز وجل يؤيده الله سبحانه وتعالى به.
والكرامات ثابتة بالكتاب والسنة.
ومن أصحاب الكرامات الخضر كما أخبر الله عز وجل عنه في القرآن، وكذلك ذو القرنين، ومن أصحاب الكرامات من الصحابة: أبو العلاء بن الحضرمي، الذي جاء إلى البحر عندما كان في غزوة البحرين، فدعا الله عز وجل، وخاض البحر على الخيل حتى وصل الشاطئ الآخر، دون أن يغرق هو وأصحابه، وهذه من الكرامات.
ومن الكرامات ما تكون كرامات علمية، ومنها ما تكون كشوفات، مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان يخطب الجمعة فانكشف له حال سارية، وكان قائد جيش في العراق، وكان قد أحاط به الكفار وعنده جبل، فإذا لجأ إلى الجبل أفلح، فتفاجأ الناس بـ عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصيح ويقول: يا سارية! الجبل، يا سارية! الجبل، يا سارية! الجبل، فلما سألوه بعد ذلك أخبرهم أنه حصل عنده شعور أن سارية قد حوصر، وأن الجبل هو وسيلة إنقاذ بالنسبة لهم.
فهذه المشاعر والإلهامات تحصل لأولياء الله سبحانه وتعالى.
وقد روي أن سارية سمع صوتاً يقول له: الجبل، الجبل، فلاذ بالجبل.
وهذه الكرامات ثابتة في القرآن والسنة وفي أجيال الأمة بعد ذلك، لكن كدر الصوفية هذا الاسم الشريف: الكرامة والولاية، فجاءوا بالسحر والشعوذة والخرافات والخزعبلات وسموها كرامات، وجاءوا إلى الزنادقة والضلال والمنحرفين وأصحاب البدع وسموهم أولياء، فمثلاً: الشعراني له كتاب اسمه: الطبقات الكبرى، ملأه بالخرافات الغريبة باسم الكرامات، وكذلك يوسف بن إسماعيل النبهاني، له كتاب في مجلدين اسمه: جامع كرامات الأولياء، ملأه أيضاً بكثير من الخرافات والغرائب، وذكروا من الأولياء رجلاً اسمه إبراهيم العريان، يقولون: وكان من كراماته أنه يخطب أمام الناس عريان، ويخطب في الوقت الواحد بأكثر من مكان، وربما حمل سيفاً ونزل إلى الناس، فهرب الناس وهو يطاردهم، هذه من كراماته! وهناك طائفة من الصوفية تسمى الملامتية، وهم يفعلون الأعمال التي يلومهم عليها الناس ويقولون: إنها تدفع عنهم الخوف من الرياء، فربما نام بعضهم مع الكلاب، وربما نام بعضهم في الأماكن الوسخة والقذرة، وربما بقي أكثر من سنة لا يغتسل، وربما صار، ولهذا قد يرى بعض هؤلاء الخرافيون إنساناً وسخ الثياب، ويقولون: ما يدريك لعله قطب من الأقطاب التي يكون عليها مدار هذا الكون؟ فهؤلاء من الجهال الذين هم من أبعد الناس عن العلم والعقل، وهم منحرفون في هذا الباب، وقد فصل شيخ الإسلام رحمه الله الكلام فيهم في كتابه العظيم: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: [ومن أصول أهل السنة التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات، في أنواع العلوم والمكاشفات، وأنواع القدرة والتأثيرات].
هذا يدل على أن الكرامة نوعان: نوع في العلوم، ونوع في التأثير، يعني: نوع يتعلق بالعلوم، ونوع يتعلق بالأمور الحسية.
قال: [والمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها: مثل حال أصحاب الكهف الذين ناموا ثلاثمائة سنة وتسع.
وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر فرق الأمة، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة].