للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من آداب طالب العلم الثبات والتثبت]

قال: [الخامس عشر: الثبات والتثبت: تحلَّ بالثبات والتثبت لا سيما في الملمات والمهمات، ومنه: الصبر والثبات في التلقي، وطي الساعات في الطلب على الأشياخ، فإن من ثبت نبت].

الفرق بين الثبات والتثبت: أن التثبت في الأخبار، وما ينقله الإنسان، أو ما يقرؤه، أو ما يحصل من الأشياء التي يخبر عنها أو يخبر بها.

وأما الثبات فمعناه: الاستمرار على الشيء.

فينبغي على طالب العلم أن يكون ثابتاً إذا استمر على شيء، (فمن ثبت نبت)، أي: الذي يستمر على درس معين حتى ينهيه يستفيد، الذي يأخذ كتاباً ويقرؤه حتى ينهيه يستفيد، الذي يأخذ متناً فقهياً أو عقدياً أو في أي باب من أبواب العلم ويدرس هذا المتن حتى ينهيه يستفيد، لكن الذي يتنقل مرة في هذا الكتاب ولا يكمله، ومرة في هذا الكتاب ولا ينهيه، ومرة في متن من المتون فيحضر منه درساً أو درسين، ثم يتركه؛ هذا لن يستفيد، ولن ينبت لأنه لم يثبت.

وأما التثبت في الأخبار فهو التثبت في نقل الكلام، أو التثبت عندما يسمع خبراً، أو عندما يؤديه، سواء في التحمل أو الأداء، ينبغي أن يكون الإنسان متثبتاً في ذلك.

ولا شك أن ذلك الشخص الذي تكون مطيته من الحديث (زعموا) أنه مذموم، (وكفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع) كما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ومع الأسف: أن كثيراً من الناس اعتادوا على طرق سيئة جداً، فقد أتاني مرة واحد من الشباب فسألني عن عالم من العلماء هل مات أم لا؟ كان بإمكانه أن يسأل بهذه الطريقة، لكنه قال: فلان مات؟ فقلت له: صحيح هذا الكلام؟ قال: نعم! هو يريد أن يعرف هل مات أم لا، فسمع إشاعة أنه مات فجاء وطرحها على أنها خبر، فلما رآني متعجباً بدأ يسأل! ولهذا كثير من الناس تعود على هذه الطريقة؛ قد يلقي كلاماً حتى ينظر هل الناس عندهم شيء يضاد هذا الكلام أم لا؟ فإذا رأى أن ليس عندهم شيء يضاده ظن أنه صحيح، فهذا خطأ في الفهم، وخطأ في التعامل مع الأخبار والتعاطي معها.

نكتفي بهذا، ونكون قد انتهينا من الفصل الأول من حلية طالب العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>