منكر القدر هو بحسب نوع الإنكار، أما إنكار التكذيب فهو كفر بالله رب العالمين، سواء كان الإنكار لمرتبة العلم أو الكتابة أو المشيئة أو الخلق، من أنكرها إنكار تكذيب فهو كافر، بل إن من أنكر أي شيء من أحكام الإسلام إنكار تكذيب فهو كافر.
أما إنكار التأويل فمن أنكر العلم فهو كافر بإجماع السلف، ولهذا كفروا الذين أنكروا العلم، وكانت طائفة من القدرية في بداية الأمر ينكرون العلم، لكن هذه الطائفة انقرضت وزالت ولم يبق إلا الذين يثبتون العلم وينكرون الكتابة وخلق أفعال الله سبحانه وتعالى للعباد.
فإنكار التأويل بدعة مخرجة عن أصول السنة، لكنها لا تصل إلى الكفر الأكبر المخرج عن الملة بسبب التأويل؛ لأن من موانع التكفير التأول.
ولهذا عندما تحدث العلماء عن تكفير المبتدعة، أو تكفير الفرق بينوا أن من كان من هذه الفرق أنكر إنكار تكذيب فإنه يكفر، أما إذا كان إنكاره بسبب التأويل، فإن التأويل على أنواع: منه ما يكون قريباً من اللغة العربية، يعني: هناك شبهة حقيقة.
ومنه ما يكون بلا شبهة حقيقة، وإنما هو اعتباط كما فعلت الباطنية عندما تأولوا الصلوات الخمس وقالوا: إن المقصود بالصلوات الخمس علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين ويضيفون أيضاً محسن ونحو ذلك، أو يتأولون الصيام بأنه كتمان أسرارهم، ويتأولون الزكاة بأنها إعطاء الضريبة لشيخ الطائفة، فكل ذلك من الكفر المخرج عن الإسلام؛ لأنه ليس هناك أي ارتباط شرعي أو لغوي بين المعنى الذي صاروا إليه، وبين نص القرآن، أو نص سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
أما إذا كان هناك إشكال حقيقي؛ فإن صاحبه يكون مخالفاً لإجماع السلف الذين فهموا هذه النصوص بفهم واحد، وأجمعوا على طريقة معينة في الفهم فيها، فمخالفته لإجماع السلف في هذا الفهم، ومخالفته للنصوص القريبة في الفهم إلى معنى بعيد آخر لشبه، فهذه بدعة تخرج عن السنة، لكن صاحبها لا يكفر بالله رب العالمين.