[إنكار العلماء على المخالفين في جواز مسح الخف وثبوت حد الرجم وكفر تارك الصلاة]
لقد تكلم أهل العلم عن هذه القضايا واهتموا بها، وحذروا من مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، بل إنهم أنكروا على كثير ممن خالف في مسائل فقهية دليلها واضح، فمثلاً: نجد الإنكار الشديد على من خالف في المسح على الخفين، بل اعتبرها عدد من أهل العلم من مفردات العقيدة، وكذلك الرجم وغيرها، إلا الشيعة قبحهم الله، والرجم لا يوجد مخالف له إلا الخوارج؛ لأن من مناهجهم رد السنة، وكانوا يكفرون عدداً كبيراً من الصحابة، فكانوا يردون هذه القضية لعدم ورودها في القرآن كما يقولون.
وكثير من مسائل العلم التي يكون الدليل فيها واضحاً فإن أهل العلم يتكلمون على المخالف حتى لو كان من أهل السنة يتكلمون، ويغلظون له في القول، فمثلاً: عدم تكفير تارك الصلاة، فقد بعدم كفر تارك الصلاة جماعة من كبار أهل العلم وممن لهم منزلة في الإسلام، ومع ذلك أنكر عليهم عامة أهل السنة، بل إن محمد بن نصر المروزي رحمه الله ألف كتاباً في العقيدة سماه: تعظيم قدر الصلاة، ويظن البعض أنه كتاب فقهي، مع أنه كتاب في العقيدة، وقد تكلم فيه عن مسائل الإيمان وأطال فيها، ونقل نقولاً كثيرة عن السلف في تكفير تارك الصلاة، بل نقل عن جماعة من أهل العلم حكاية الإجماع على أن تارك الصلاة كافر.
وأيضاً غلظ على من تكلم في بعض المسائل الفقهية مع وضوح الدليل فيها، فنجد أن عامة أهل العلم المتبعين للأثر يغلظون على المقلدة الذين يقلدون المذاهب في مسألة عدم القبض في الصلاة، فحديث القبض في الصلاة وارد في صحيحي البخاري ومسلم، وهو حديث مشهور، وليس هناك ما يبرر عدم العمل به، ومع هذا نجد المتأخرين من المالكية وبعض المذاهب الأخرى يفتون بعدم القبض في الصلاة وبالإسدال، فنجد أن المتبعين للآثار يغلظون عليهم في القول؛ لأن الحديث واضح، وليس هناك مبرر لعدم الأخذ به إلا التقليد المحض، والتقليد المحض في مثل هذه الحالة شنيع؛ لأنه قلد إماماً وعالماً وترك إمام المرسلين وهو محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا ينبغي كما قلت العناية بهذه القضية عناية تامة.