سبق أن تحدثنا عن موضوع الغيبيات وقلنا: إن موضوع الغيبيات موضوع واسع وكبير، وإن الزاوية التي نناقش منها موضوع الغيبيات هي باعتبار أن هذه الغيبيات ثبتت في القرآن وصحيح السنة، وأنه يجب على المسلم أن يؤمن بها، ولكل نوع من هذه الأنواع الغيبية تفصيلات طويلة لسنا معنيين بها، لكن الهدف هو معرفة أن هذا أمر غيبي أخبر به الله عز وجل بالقرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم بالسنة، وأنه يجب علينا أن نؤمن بها كما جاءت، وأن أهل الكلام وبالذات المعتزلة قد حرفوا النصوص المتعلقة بالغيبيات بأنها تخالف العقل بالنسبة لديهم.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:[وفتنة القبر حق، وسؤال منكر ونكير حق].
فتنة القبر المقصود بها: السؤال الذي يكون في قبرك، وهذا السؤال ثابت في النصوص الشرعية، يقول الله عز وجل:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}[إبراهيم:٢٧].
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أن المسلم إذا دخل قبره فإنه يسأل عن ثلاثة أمور: عن ربه، وعن نبيه، وعن دينه، وهذه الثلاثة هي التي أخذها الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وبنى عليها الأصول الثلاثة أو الثلاثة الأصول، واختص هذه الأصول الثلاثة فقط لأنها هي التي يسأل عنها الإنسان في قبره.
أما السائل فهما ملكان يأتيان للإنسان فيقعدانه ويسألانه عن هذه الأشياء، وجاء في رواية: أن أحدهما يسمى منكراً والآخر يسمى نكيراً.
ومن الأمور الغيبية فيما يتعلق بالقبر عذاب القبر ونعيمه، ولهذا أخبر الله سبحانه وتعالى بعذاب أهل القبور في قوله:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[غافر:٤٦]، فبين أنهم يعذبون مرتين، فقوله:(عشياً) يعني: بعد العصر، وقوله:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ}[غافر:٤٦] يدل على أن هذه النار التي يعرضون عليها غدواً وعشياً قبل قيام الساعة ويكون ذلك القبر.