للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وصف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأعلى المقامات وهي العبودية]

السؤال

يقول بعضهم: إن الله سبحانه وتعالى قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء:١] ولم يقل: بنبيه، وهذا يدل على أن أي عبد صالح يمكن أن يسرى به، فكيف نرد على ذلك؟

الجواب

لا شك أن هذا فاسد، فإن الآية جاءت في النبي صلى الله عليه وسلم، فهي لم تأت في عباد الله عز وجل جميعاً، بل جاءت في النبي صلى الله عليه وسلم، ووصفه بالعبودية هنا دل على أن أفضل مقامات النبي صلى الله عليه وسلم مقام العبودية، فإنه خُيِّرَ بين أن يكون ملكاً رسولاً وأن يكون عبداً رسولاً، فاختار أن يكون عبداً رسولاً، ووصفه هنا بالعبودية لا يعني أنه غير موصوف بالرسالة، وإنما وصفه الله عز وجل بأحد الوصفين لبيان أن العبودية من أوصافه، وهي لا شك من المنازل العالية عند الله سبحانه وتعالى.

وأما فهم هذا الإنسان من قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء:١] أن الوصف بالعبودية يدل على أنه يمكن أن يسرى بأي عبد آخر، فهذا فهم فاسد للقرآن، فالآية بإجماع المسلمين جاءت في الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم تأت في غيره، هذا أولاً.

وثانياً: قوله: ((بِعَبْدِهِ) ليس المقصود: تعميم الوصف، بحيث إن كل عبد يمكن أن يسرى به، وإنما المقصود وصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذه المنزلة؛ لمكانتها عند الله سبحانه وتعالى، ولم يقل أحد من الصحابة رضوان الله عليهم أنه يمكن أن يسرى بـ أبي بكر مثلاً أو عمر أو عثمان أو علي، مع أنهم من خيار الصحابة، ولم يقل أحد من الصحابة إن هذا الأمر جارٍ بالنسبة لهم، بل إن الإسراء من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا فهم فاسد، والحقيقة أن كثيراً من الناس يفسرون القرآن على غير وجهه، والواجب أن يفسر القرآن بما أجمع عليه الصحابة والتابعون ومن بعدهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>