للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إثبات صفة الفرح لله تعالى]

وقد ساق ابن تيمية رحمه الله مجموعة كبيرة من الأحاديث يمكن أن نشير إليها، فقال: [وما وصف الرسول به ربه صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهل المعرفة بالقبول وجب الإيمان بها كذلك، فمن ذلك].

فبدأ بصفة النزول، وسيأتي الحديث عن صفة النزول بإذن الله تعالى، ثم قال: وقوله: (لله أشد فرحاً بتوبة عبد المؤمن التائب من أحدكم براحلته) متفق عليه]، فهذا في إثبات صفة الفرح لله عز وجل وأن الله يفرح، وقد وردت في بعض النصوص بصيغة البشبشة، وهي واردة في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي بمعنى الفرح، وقوله: (يضحك الله إلى رجلين) فيه إثبات صفة الضحك، (يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخلان الجنة)، وجاء في الصحيح تفسير لهذه الصورة: كيف يقتل أحدهما الآخر ويدخلان الجنة؟ فقال: (يسلم القاتل، ثم يقتل في سبيل الله فيلتقيان في الجنة).

وقوله: (عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، ينظر إليكم أزلين قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب)، وهذا حديث لقيط بن صبرة يحسنه شيخ الإسلام ابن تيمية ويضعفه غيره من أهل العلم، وهو قابل للاجتهاد، وما ورد من الصفات في هذا الحديث فهو وارد في غيره من الأحاديث الصحيحة، والآيات الصريحة تدل عليه.

فقوله: (عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره) هذه في إثبات صفة العجب لله عز وجل، وقال: (ينظر إليهم أزلين قنطين فيظل يضحك)، والضحك صفة لله عز وجل تليق بجلاله.

ومن النصوص قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها رجله -وفي رواية: عليها قدمه- فينزوي بعضها إلى بعض، فتقول: قط قط)، ففيه إثبات صفة الرجل والقدم لله سبحانه وتعالى، ثم ذكر نصاً في صفة الكلام وسيأتي الحديث عنه إن شاء الله.

ثم نقل مجموعة من النصوص في إثبات علو الله عز وجل على خلقه، ثم ناقش موضوع إثبات معية الله سبحانه وتعالى لخلقه، وهذه سيأتي الكلام عليها، ثم ختم ذلك بمسألة الرؤية وسنناقشها في اللقاء القادم بإذن الله تعالى.

والآن يمكن أن نرجع إلى (لمعة الاعتقاد) ونقرأ ما فيه من النصوص الشرعية غير الصفات السابقات، وهي في الغالب نفس النصوص التي وردت تقريباً في (العقيدة الواسطية) إلا صفة واحدة انفرد بها ابن قدامة رحمه الله وهي صفة النفس، وسيأتي التعليق عليها في مكانها، وبقية الصفات: الكلام والنزول والعلو والمعية ورؤية الله عز وجل لخلقه سيأتي الحديث عنها في مكانها تفصيلاً بإذن الله تعالى، وأما ما يتعلق (بحائية ابن أبي داود) فهو اكتفى بالصفات المشهورة التي سيأتي التعليق عليها في اللقاء القادم بإذن الله، وسنقرأ الأبيات الواردة في هذا الموضوع ونعلق عليه في مكانه المناسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>