للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح مقدمة العقيدة الواسطية]

قال شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله تعالى: [بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله {الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الفتح:٢٨]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً، أما بعد: فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة: أهل السنة والجماعة، وهو: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره.

ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بأن الله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١]].

بدأ الشيخ في البداية بتقرير أن هذه العقيدة التي سيكتبها هي عقيدة الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة، ثم بين أنهم يؤمنون بالأركان الستة، ثم بين أن من الإيمان بالله: الإيمان بأسمائه وصفاته.

والإيمان بالله يتضمن الإيمان بربوبيته، والإيمان بإلوهيته، والإيمان بأسمائه وصفاته، فبدأ بنوع واحد من هذه الأنواع وهو الإيمان: بأسماء الله وصفاته.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته، ولا يكيفون، ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه؛ لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفء له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى، فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً، وأحسن حديثاً من خلقه، ثم رسله صادقون مصدقون بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون، ولهذا قال: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات:١٨٠ - ١٨٢].

فسبح نفسه عن ما وصفه به المخالفون للرسل، وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب، وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات].

أثبت الله لنفسه بعض الصفات ونفى عن نفسه بعض الصفات، فجمع بين النفي والإثبات، وهذا هو الذي جعلنا نقول: إن الصفات تنقسم إلى ثبوتية، وسلبية أو منفية.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون؛ فإنه الصراط المستقيم؛ صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين].

ثم شرع الشيخ بعد ذلك بالحديث المفصل عن صفات الله سبحانه وتعالى، وفي اللقاء القادم بإذن الله سنتحدث عن الصفات بشكل تفصيلي: صفة الوجه واليد والنزول والمجيء والإتيان وغيرها، ولا بد أن نربطها بالقاعدة التي سبق أن أشرنا إليها فيما يتعلق بالصفات الذاتية والفعلية، والصفات السلبية بإذن الله تعالى.

أسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لكل خير؛ إنه على كل شيء قدير.

<<  <  ج: ص:  >  >>