للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم تكفير الفرق والأشخاص الذين يقعون في نواقض الإيمان]

السؤال

هل يجوز أن نكفر الفرق والأشخاص الذين يقعون في نواقض الإيمان؟

الجواب

الفرق الواردة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة)، هذه الفرق ليست من الفرق الكافرة، بل هي من الفرق التي تكون مسلمة، لكن عندها بدعة، مثل الأشاعرة ومثل الصوفية غير الغلاة الذين يقعون في البدع، هؤلاء ليسوا كفاراً.

وهناك فرق منتسبة إلى الإسلام مثل الباطنية، هؤلاء كفار، فالإنسان ينظر إلى العقيدة هل هي كفرية أو ليست بكفرية؟ ثم بناء على هذا يميز.

ولهذا ينبغي أن لا يتكلم الإنسان في مسائل التكفير إلا بعلم، ولا يجوز للإنسان بأي وجه من الوجوه أن يتكلم في المسائل بالجهل، ونحن لم نؤت إلا من قبل الجاهلين، فتجد أن بعض الشباب ليس من أهل العلم ويتكلم في مسائل كبيرة ويفاصل عليها، وقد يفاصل العلماء وطلاب العلم على مسألة من المسائل، قد لا تكون لديه أدلة هذه المسائل.

فهناك فرق بين العناية بالمسائل الشرعية والتزامها، وبين تطبيق هذه المسائل الشرعية على الواقع، فأحياناً بعض المشكلات الواقعية لا يصح فيها انفراد شاب أو شابين أو عشرة أو مائة أو مائتين برأي.

فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت تعرض له بعض المسائل التي هي أقل من مسائل التكفير، وأقل من المسائل التي تحتاج أن تناقش ويجمع لها أهل بدر، ومع هذا تجد في الواقع اليوم أشخاصاً يتكلمون أو يتصرفون تصرفات هي في حاجة إلى أن يجتمع لها كبار العلماء، وبحاجة إلى أن يجمع لها كبار الدعاة والمختصين، فينبغي أن يدرك الإنسان هذه القضية، وأن التكفير حكم شرعي، لا يجوز للإنسان أن يتكلم فيه إلا بعلم، وأن تكفير المعينين يحتاج إلى وجود شروط وانتفاء موانع، والتساهل في هذا خطير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما).

ومع هذا كثير من الناس يتساهل، فيكفر حكومات أو يكفر أشخاصاً أو يكفر علماء بدون علم، وذكرت لكم قاعدة سابقة أن الإنسان الذي يقع في خطأ يعذر فيه الناس، أحسن من الذي يقع في خطأ يعاقب فيه الناس، يعني: الخطأ في المعذرة خير من الخطأ في العقوبة، والأصل أن من انتسب إلى الإسلام وادعاه فهو مسلم، وأنه لا نخرجه من الإسلام إلا ببينة واضحة.

فينبغي إدراك هذه المسائل، فنحن أمة متوسطة، بعيدة عن الغلو، وبعيدة أيضاً عن تمييع حقائق الدين، وكما أن تمييع حقائق الدين مذموم، فكذلك الغلو مذموم، ينبغي أن نحذر من الغلو أيضاً والمبالغة، وأن نصدر عن أهل العلم، خصوصاً فيما يتعلق بالقضايا الواقعية والقضايا الدعوية والقضايا المتعلقة بمسائل المواجهة والجهاد ونحو ذلك، كل هذه المسائل يجب أن يصدر الشباب وطلاب العلم عن أهل العلم فيها، وأن يستشيروا أهل العلم، وأن لا ينفردوا فيها برأي، فهي من المسائل الحساسة والخطيرة التي قد يقع الإنسان في مزلق بسببها وهو لا يشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>