للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية الالتزام بالدين الإسلامي والاستقامة عليه]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فإن هذا الدين الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم للناس كافة هو أصدق الأديان وأفضلها وآخرها، وقد جاء هذا الدين لصلاح الإنسان في نفسه وماله وحياته بأكملها، فإنه لا صلاح للإنسان ولا هداية له ولا طمأنينة ولا سعادة ولا سرور إلا بالالتزام بدين الله سبحانه وتعالى والاستقامة على هديه، يقول الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة:٣٣]، فالهدى والدين الحق: هو العلم النافع والعمل الصالح، فسمى الاهتداء بهذا الدين هدى؛ لأن الإنسان في ضلال وفي عماية إلا إذا اهتدى بهذا الدين والتزم به، وقد سمى الله سبحانه وتعالى القرآن وما تضمنه من العقائد والمفاهيم بمجموعة أسماء، كل اسم من هذه الأسماء يدل على صفة من هذه الصفات، وكلها تدل على الثناء على هذا الدين، فسماه سبحانه وتعالى هدى، وسماه شفاء، وسماه روحاً؛ لأن الحياة الحقيقية موقوفة على هذا القرآن، وسماه أيضاً بأنه نور؛ لأن الإنسان في عماية وفي ضلال إلا إذا اهتدى بهذا القرآن وما جاء فيه من الأحكام والعقائد، ولهذا كل الأديان غير هذا الدين باطلة وفاسدة وغير مقبولة، وكل المناهج والفلسفات والآراء والمذاهب غير ما وافق كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هي آراء ومذاهب وفلسفات باطلة ضالة، وهي ناتجة عن هوى متبع، سواء كان هذا الهوى في أصله دين، كما هو الحال في تفرق الأديان، أو كان هذا الهوى في قاعدة من قواعد هذا الدين كما هو حاصل في انحراف الفرق الضالة التي افترق إليها المسلمون، فالنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر افتراق اليهود والنصارى قال: (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة)، فلما سئل عنها النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (هي الجماعة) وفي بعض الروايات قال: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، فهذا الحديث العظيم فيه دلالات كثيرة، منها: أن هذه الأمة لابد أن تفترق، وأن هذا الخلاف والافتراق الذي نشاهده لا ينبغي أن يحزن الإنسان وأن يشغله، بل لا ينبغي أن يتصور أن هذا الخلاف المحتدم بين هذه الأمة أنه علامة على ضياعها وعدم انتصارها وظهورها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن هذا أمر قدري، وأنه لابد من حصول هذا الاختلاف وهذا التفرق، لكنه في نفس الوقت بين صلى الله عليه وسلم المنهاج الذي يضبط الإنسان والذي ينجيه في الدنيا والآخرة، فقال: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، يعني: من كان على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في العقيدة، وفي التعامل مع الكتاب والسنة، وفي السلوك، وفي الدعوة، وفي أي باب من أبواب هذا الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>