وأما كون الله عز وجل يتكلم بصوت فهذا ثابت من عدة جهات: أولاً: أنه ورد في حديث الشفاعة الطويل أنه قال: (ينادي الله بصوت يسمعه من بعد كما يسمه من قرب) فقوله: (بصوت) يدل على أن الله عز وجل يتكلم بصوت.
ثم النداء في قوله تعالى:{وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ}[مريم:٥٢]، والنداء المنسوب إلى الله عز وجل والقول في لغة العرب يكون بالصوت، ولا يسمى نداء بدون صوت.
وصفة الكلام صفة ثابتة لله عز وجل، وقد كان أهل السنة في زمن الصحابة والتابعين يثبتون هذه الصفة، وليس عندهم أي إشكال فيها، ثم حصل الخلاف الكبير عندما اقترب المعتزلة من الخلفاء العباسيين، وبالذات المأمون، عندما استطاعوا إقناعه بأن القرآن ليس من كلام الله، وأن الله لا يتكلم كلاماً، وأن الكلام ليس صفة من صفاته، وإنما كلامه خلقه، وقالوا: تكلم الله عز وجل يعني: خلق، فالقرآن كلام الله بمعنى: أنه خلق القرآن كغيره من مخلوقات الله، ويرون أن القرآن مثل الإنسان، فكما أن الإنسان مخلوق فالقرآن مخلوق، ولا يجيزون أن ينسب الكلام لله عز وجل على أنه صفة له، بمعنى: أنه يتكلم بصوت وحرف، وإنما يقولون: هو صفة من باب أنه خُلق والخلق من الصفات.