قال المؤلف رحمه الله في كتابه (لمعة الاعتقاد): [فمما جاء من آيات الصفات قول الله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}[الرحمن:٢٧]، وقوله سبحانه وتعالى:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة:٦٤]، وقوله تعالى إخباراً عن عيسى عليه السلام أنه قال:{تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}[المائدة:١١٦]].
وهذه الآية فيها إثبات صفة النفس لله عز وجل، وهي من الصفات التي ذكرها ابن قدامة رحمه الله ولم يذكرها ابن تيمية في (العقيدة الواسطية)، وهذه الصفة وقع فيها خلاف بين العلماء، فشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجمهور أهل العلم يرون أن معنى:(تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) أن النفس هنا بمعنى الذات، يعني: تعلم ما عندي ولا أعلم ما عندك، وأن نفس الله هو الله، ويرى بعض أهل العلم منهم البغوي وابن خزيمة رحمهما الله في (كتاب التوحيد) يرون أن النفس صفة مستقلة زائدة عن الذات مثل بقية الصفات الواردة في صفات الله عز وجل.
والمسألة في الحقيقة من مسائل الاجتهاد ولا يترتب عليها كثير خلاف، وإن كان الرأي الصواب فيما أراه هو ما ذهب إليه ابن خزيمة رحمه الله؛ لأنه ورد في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(فمن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي)، فهذا يدل على المقابلة، وقوله:{تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}[المائدة:١١٦]، المقابلة هنا تدل على أن النفس المقصود بها هنا ضد الظاهر، وأن النفس هنا صفة من صفات الله عز وجل تليق بجلاله وليست كصفات المخلوقين، هذا ما يبدو لي والله أعلم.