مما يدل على أن العمل داخل في حقيقة الإيمان: أن الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الإيمان من صحيحه بوب باباً، قال: باب من قال إن الإيمان هو العمل، ثم ساق فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل:(أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور).
فالسؤال الآن عن العمل، فقال:(إيمان بالله ورسوله)، فلو كان الإيمان ليس فيه عمل لكانت هذه الإجابة غير صحيحة، وحاشا أن يكون جواب النبي صلى الله عليه وسلم غير صحيح، والله عز وجل يقول:{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[الزخرف:٧٢]، فالإنسان لا يمكن أن يدخل الجنة إلا وهو مؤمن.
وهكذا كثير من النصوص تدل على أن العمل من الإيمان، منها مثلاً أن الآية المشهورة في الصلاة، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة:١٤٣]، نزلت في الذين كانوا يصلون إلى بيت المقدس ثم ماتوا، ثم نسخت بعد ذلك الصلاة إلى بيت المقدس بالصلاة إلى البيت الحرام، فتساءل الصحابة عن حال هؤلاء؟ فقال الله عز وجل:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة:١٤٣]، يعني: ما كان الله ليضيع صلاتكم إلى بيت المقدس؛ ولهذا سمى الصلاة إيماناً.
هناك نصوص متعددة سيأتي الإشارة إليها، من أبرزها حديث شعب الإيمان، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(إن الإيمان بضع وستون شعبة، فأعلاها قول لا إله إلا الله)، إذاً: القول من الإيمان، (وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق)، وهذا عمل من أعمال الجوارح، (والحياء شعبة من الإيمان)، والحياء عمل قلبي.