[نبذة عن الدروس الموضوعية]
اعلم أن هذه الدروس تنقسم إلى قسمين: قراءة وتعليق في (حلية طالب العلم)، والدرس الرسمي والأساسي هو في الكتب الثلاثة المتعلقة بالعقيدة وهي: (حائية ابن أبي داود) وهي منظومة مختصرة في العقيدة تزيد عن ثلاثين بيتاً، و (لمعة الاعتقاد) لـ ابن قدامة المقدسي، و (العقيدة الواسطية) لـ ابن تيمية.
هذه الثلاثة الكتب ندرسها كل يوم سبت، وطريقة الدراسة فيها هي حسب الدارسة الموضوعية، ومعنى الدراسة الموضوعية: أن نقسم هذه الكتب الثلاثة من حيث الموضوعات إلى موضوعات عامة مثل: الصفات، والقدر، والإيمان، والصحابة وغيرها، ثم نأخذ الباب كاملاً ونتحدث عنه بشكل واضح، ثم نقرأ ما يتعلق بهذا الباب في الكتب الثلاثة سوياً وفي مكان واحد، فإذا انتهينا من الباب الأول ننتقل إلى الباب الثاني، وهكذا حتى ننتهي من جميع الأبواب، وقد قسمنا الأبواب في بداية هذه الدروس.
ومازلنا في الباب الأول وهو باب الصفات، وهو باب من الأبواب الطويلة كما تعلمون في مسائل العقيدة، وقد تحدثنا في البداية عن قاعدة أهل السنة والجماعة في الصفات، وكيف أنهم جمعوا بين إثبات الصفات ونفي التمثيل عن الله سبحانه وتعالى، فالله عز وجل صفاته ثابتة له، وفي نفس الوقت هي ليست مماثلة لصفات المخلوقين.
وبينا أن المأزق الذي وقع فيه نفاة الصفات من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية والرافضة والخوارج وغيرهم هو أنهم لم يستطيعوا فهم كيفية الجمع بين إثبات الصفات ونفي التشبيه، وظنوا أن لازم إثبات الصفات وقوع التشبيه، وأنه لابد أن يكون هناك تشبيه مادام أن هناك إثباتاً، وقلنا: إن هذه القاعدة ليست قاعدة صحيحة، وإنما هي ظنون وأوهام وأهواء، ولهذا كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يسمون هذه الطوائف: أهل البدع والأهواء؛ لأنهم يتبعون أهواءهم ولا يتبعون هدي الكتاب والسنة بشكل متجرد وواضح في هذا الباب.
وسبق أيضاً أن بينا الأصول العقلية التي من أجلها نفى أهل البدع صفات الله سبحانه وتعالى، وقلنا: إن هذه الأصول العقلية تعود إلى دليل حدوث الأجسام، وهو الدليل الذي استدلوا به على وجود الله سبحانه وتعالى.
والأصل الثاني هو: دليل التركيب، ونفوا بدليل الحدوث الصفات الاختيارية الفعلية، وبالدليل الثاني نفوا الصفات الذاتية، وقالوا: إنها تستلزم التركيب.
ومن الأصول العقلية عندهم: دليل الاختصاص.
ومنها أيضاً: دعوى التشبيه والتمثيل بصفات المخلوقين.
وقد بينا أن هذه الأصول العقلية قد زاحموا بها مفاهيم الكتاب والسنة، وبدءوا يؤولون النصوص ويحرفونها عن مسارها، وأحسنهم حالاً من فوض أمرها إلى الله، لكنه فرغها من معناها ومفهومها، الشرعي الذي جاءت به.
وسبق أن تحدثنا عن هذه القضايا بشكل مفصل، وقلنا في الدرس الماضي: إن شيخ الإسلام ابن تيمية وابن قدامة رحمهما الله تعالى تحدثا عن الصفات، وقسمنا الكلام في الصفات إلى قسمين: صفات يمكن أن نسميها صفات كبرى، أو الصفات المشهورة، وهذه تقريباً أبرز أنواع الصفات وهي ثلاث: صفة النزول، وصفة العلو والمعية، وصفة الكلام، فهذه الصفات من أبرز الصفات التي وقع فيها الخلاف بين أهل السنة وبين المعطلة نفاة الصفات، ولهذا سنفرد لقاء كاملاً -وهو اللقاء القادم- في الكلام عن هذه الصفات الثلاث بشكل خاص.
وأما بقية الصفات فإن شيخ الإسلام ابن تيمية وابن قدامة المقدسي رحمهما الله لم يريدا الحديث عنها تفصيلاً، وإنما ذكرا قاعدة، ثم قالا: ومن آيات الصفات: فذكرا مجموعة كبيرة من آيات الصفات.
ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن أحاديث الصفات كذا، وهذا الفعل حصل من ابن قدامة المقدسي، وابن قدامة قبل ابن تيمية.
فنبدأ أولاً: (بحلية طالب العلم) كما اعتدنا ثم نعود إلى هذه الكتب: