وقد امتحنوا أئمة السنة على أن القرآن مخلوق، وكلنا يعلم المحنة الكبيرة التي حصلت لعلماء أهل السنة في زمن المأمون عندما امتحنهم، فحصلت ربكة كبيرة في أوساط العلماء، وأكثر العلماء لما رأوا أن السلطان صاحب القوة والشكيمة يريد أن يلزم الخلق صاروا يتأولون ويخرجون بطرق يتقون بها مواجهة الحاكم الذي امتحنهم في هذه القضية من قضايا العقيدة، إلا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ومحمد بن نوح ثبتا على أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق، وأنه صفة من صفاته، وأنه جزء من كلام الله سبحانه وتعالى، ثم طلبهما المأمون فتوفي محمد بن نوح في الطريق، ودعا الإمام أحمد ربه سبحانه وتعالى أن لا يريه المأمون، فمات قبل أن يلقاه الإمام أحمد، ثم استمرت الفتنة في زمن المعتصم بعده، ثم استمرت في زمن الواثق، وحصلت فتنة كبيرة في زمن الواثق؛ لأن بعض علماء أهل السنة بايعه مجموعة من الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقتلهم، وهو أحمد بن نصر الخزاعي قتله الواثق بيده، ولم تنته الفتنة إلا في زمن المتوكل، واستمرت هذه الفتنة لمدة عشر سنوات وهذه الفتنة فيها دروس عظيمة وعبر كبيرة، ففيها دروس تتعلق بالمسائل العقدية تفصيلاً، ومنها دروس تتعلق بالمسائل الدعوية والاجتماعية، وقد ظهرت فتن كبيرة في زمن الإمام أحمد، ولكن الإمام أحمد بعلمه وببصيرته وبمعرفته بالسنة استطاع أن يفتي في كل واحدة من هذه الفتن وأولها فتنة المعتزلة الذين قالوا: إن القرآن مخلوق، فرد عليهم واستدل عليهم بالنصوص.