[معنى حديث: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له)]
السؤال
كيف يفسر حديث (اعملوا فكل ميسر لما خلق له)؟.
الجواب
لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب قالوا: (يا رسول الله! ففيم العمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له).
الصحابة في البداية فهموا أن هذه الكتابة تقتضي أن الإنسان لا يعمل، وينتظر القدر المكتوب عليه، فنبههم النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذه الكتابة غيب، وأن الإنسان لا يدري به، وأنه ينبغي عليه أن يعمل؛ فكل ميسر لما خلق له.
والقدر لا ينافي العمل، بل إنه يقتضيه، لأن القدر بالنسبة للإنسان غيب غير مكشوف، فينبغي عليه أن يحسن الظن بالله عز وجل، وأن يجتهد في العمل الصالح، ولا يمكن للإنسان إذا أراد العمل الصالح أن يرد؛ لأن الله عز وجل بين أن الإنسان إذا سلك طريق الهدى فإن نهايته للهدى، والعكس بالعكس.
بالنسبة للحديث المشهور: (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) هذا الحديث في البخاري من حديث ابن مسعود الطويل، وقد بين العلماء أن المراد به أمران: الأمر الأول: أن هذا الإنسان منافق، ولهذا جاء في بعض الروايات: (وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يرى الناس، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها).
فيكون المقصود بهذا الذي يعمل بعمل أهل الجنة هو في الظاهر للناس، لكن في الحقيقة هو منافق، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار ويدخلها حينئذ، فلا يكون في الحديث إشكال.
الأمر الثاني: أن هذا الحديث جاء للتحذير من سوء الخاتمة، وليس المقصود به أن الإنسان إذا عمل بعمل أهل الجنة فإنه في الأخير لا يدخل الجنة، أو يسبق عليه الكتاب، وإنما المقصود أن الإنسان ينبغي عليه أن يحذر من سوء الخاتمة، فإن الإنسان قد يعمل بعمل أهل الجنة ثم يتساهل قبل موته بقليل، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها.
فينبغي للإنسان أن يحذر من العمل الذي يوصل إلى النار؛ لأنه قد يموت وهو لا يدري، فالمقصود به التحذير من سوء الخاتمة، وبهذا يتبين معنى الحديث.
والإنسان إذا عمل بعمل أهل الجنة فإن الله عز وجل يوفقه {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل:٥ - ٧].
إذاً الإنسان إذا عمل الأعمال الصالحة ييسر لها، وإذا عمل المنكر فإن الله عز وجل قال: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل:١٠].