[تنوع تقسيم الصفات لاعتبارات مختلفة]
والصفات تنقسم إلى قسمين: صفات ثبوتية، وصفات سلبية أو منفية.
وهذه نأخذها من القاعدة: وهي إثبات ما أثبته الله وأثبته رسول الله، ونفي ما نفاه الله أو نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهناك صفات أثبتها الله لنفسه وهناك صفات نفاها الله عز وجل عن نفسه.
والصفات الثبوتية كثيرة وهي الأصل، ولهذا أثبت الله عز وجل لنفسه الحياة والعلم والقدرة والإرادة ونحو ذلك، ونفى الله عز وجل عن نفسه نفياً مجملاً كقوله سبحانه وتعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة:٢٥٥].
وكقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:٤]، وكقوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم:٦٥]، فهذا النفي جاء مجملاً؛ لأن النفي التفصيلي ليس فيه شيء من الكمال والمدح، وإنما يكون الكمال بالإثبات التفصيلي والنفي المجمل، هذا بالإضافة إلى أن النفي ينبغي أن يتضمن إثبات كمال الضد، يعني: إذا نفينا عن الله سبحانه وتعالى مثلاً {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة:٢٥٥] فذلك لكمال علمه وحياته وإحاطته سبحانه وتعالى بكل شيء.
{لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} [سبأ:٣] يعني: لكمال علمه، فهو سبحانه وتعالى يعلم كل شيء، وهكذا.
وتقسيمات الصفات الثبوتية كثيرة لأهل العلم، فهم يقسمونها باعتبار الدليل إلى صفات عقلية وصفات خبرية، والفرق بينهما أن الصفات العقلية يمكن الاستدلال عليها عقلاً بشكل مستقل، وأما الصفات الخبرية فهي التي لا يمكن أن يعرفها الإنسان إلا من الخبر.
ومثال الصفات العقلية: العلم والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام.
وهناك صفات خبرية مثل: النزول والاستواء والضحك ونحو ذلك هذه من الصفات الخبرية.
وقد يقسمون الصفات الثبوتية باعتبار تعلقها بذات الله عز وجل إلى قسمين: صفات ملازمة لذات الله عز وجل لا تنفك عنه بوجه من الوجوه، وهي الصفات الذاتية مثل: الوجه واليدين والعلم والحياة ونحو ذلك.
وهناك صفات تسمى الصفات الفعلية أو الصفات الاختيارية، وهي الصفات المتعلقة بإرادة الله عز وجل إذا شاء فعلها وإذا شاء تركها، مثل النزول والاستواء والضحك والخلق ونحو ذلك، ويقسمون هذه الصفات إلى قسمين: صفات فعلية متعدية إلى الخلق وتشمل صفات الربوبية مثل الإحياء والإماتة والتدبير، وهناك صفات لازمة لله عز وجل مثل الاستواء.
فهذه التقسيمات كلها العبرة فيها بالمعنى، وإنما جاءت هذه التقسيمات من أجل التقريب العلمي عندما تقدمت العلوم وأصبح لا بد من تصنيف المسائل وتقسيمها.
فالتقسيم في حد ذاته ليس خطأ، إنما الخطأ إذا كان مفهوم التقسيم ومعنى التقسيم فاسداً.
يعني: عندما نقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام، بعض الناس يقول: هذه بدعة، من أين أتيتم بهذا التقسيم؟ فنقول: البدعة تتعلق بما أخبر الله عز وجل به أو أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: عندما نقول إن الله أخبر بهذا التقسيم يكون ذلك مبتدعاً، لأنا إذا قلنا: إن الله أخبر بهذا التقسيم بهذا الشكل المفصل فهذا كذب على الله سبحانه وتعالى وكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن نحن نقول: إن هذه معان صحيحة وحقائق صحيحة، وهذا إخبار عنها بطريق التقسيمات، وهذا أمر متفق عليه في سائر العلوم، يعني: سواء فيما يتعلق بعلوم العربية أو العلوم الإنسانية عموماً، لا بد من تقسيم القضايا حتى يفهمها الإنسان ويدركها إدراكاً صحيحاً.
أسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لكل خير، إنه على كل شيء قدير.