الفصل الثاني يتحدث عن منهجية طلب العلم، وذلك أن طلب العلم لابد له من منهجية، ولابد له من طريقة مرتبة، بحيث إن الإنسان يصل إلى النتيجة التي يريد، فليس كل من طلب العلم وفق للطريقة المناسبة للطلب.
وما يتعلق بهذا الفصل هو عبارة عن خبرات العلماء السابقين الذين طلبوا العلم واشتغلوا به، وعايشوا الطلاب، وعرفوا الطريقة الصحيحة لطلب العلم، والمنهجية المستقيمة فيه.
وأيضاً هذه الخبرة هي خبرة من تدرب وتمرس واشتغل وعانى وتعب في هذا الباب، وكانت طريقتهم متشابهة ومتقاربة إلى حد كبير، وكل من تحدث عن طلب العلم مثل الخطيب البغدادي رحمه الله في الجامع، وغيره من أهل العلم، كلهم تحدثوا عن المنهجية التي ينبغي على طالب العلم أن يسير عليها، والطريقة المثلى العملية التي ينبغي أن يسلكها في طريقه في الطلب، ولهذا سنجد قواعد وأصولاً قد يعبر عنها بكلمة، أو بمقطع بسيط، لكنها تتضمن الكثير من الفوائد والعبر والعظات.
مثلاً: قوله: [من لم يتقن الأصول حرم الوصول] هذه كلمة نقلها ابن جماعة في تذكرة السامع والمتكلم، ولها دلالة عظيمة جداً، وهي: أن طالب العلم ينبغي عليه أن يبدأ بأصول العلوم، وفي كل علم من العلوم أصول ينبغي أن يعتني ويهتم بها، فإذا درس هذه الأصول وفهمها فإن ما يأتي بعد ذلك سيكون تابعاً لهذه الأصول.
أما من اشتغل بالتفريعات والجزئيات مع بدايته لطلب العلم، فإنه سيحرم من الوصول إلى النتيجة التي يريد، والتي يتمناها في طريقه في طلب العلم؛ ولهذا اعتنى بعض المتأخرين بتأليف كتب بعنوان: برنامج عملي لطلاب العلم، أو: برنامج عملي للمتفقهين، ومن أفضل هذه الكتب كتاب الأستاذ الدكتور: عبد العزيز قارئ، فقد ركز فيه على البرنامج العملي الذي ينبغي أن يسير عليه طالب العلم من جهة العلوم الأساسية التي يركز عليها الطالب في بداية طلبه للعلم.