[مسائل متعلقة بصفة النزول لله تعالى]
وهناك مسائل متعددة بحثها كثير من الناس فيما يتعلق بصفة النزول.
فبعض الناس قالوا: كيف ينزل مع اختلاف الليل والنهار بالنسبة للأرض؟ وقد أجاب على هذه الشبهة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح حديث النزول، وقال: إن الحديث عن صفة هذا النزول فرع عن الحديث عن ذاته، فنحن لا نعرف حقيقة ذاته سبحانه وتعالى، وبناءً على هذا لا نعرف حقيقة صفاته، فهو سبحانه وتعالى ينزل قطعاً في كل ليلة مع اختلاف الليالي بالنسبة للكرة الأرضية، ففي كل مكان فيه ليل فإنه ينزل في الثلث الآخر من الليل، حتى لو كان المكان الذي في جهة الأرض الأخرى صباحاً ليس فيه ليل، فإذا جاءه الليل فإن الله عز وجل ينزل.
وإنما تحدث هذه الشبهة عند الإنسان عندما يتخيل أن الإله مثل الإنسان، كأنه جالس على كرسي، ثم ينزل ويصعد مرة أخرى، وهذا تصور باطل وفاسد لا ينبغي للإنسان أن يتصوره عن الله سبحانه وتعالى، وإنما الصحيح أن الله سبحانه وتعالى ينزل كما أخبر بذلك عن نفسه.
والنزول في لغة العرب هو النزول من أعلى إلى أسفل، لكن صفة الرب فرع عن ذاته، وهو سبحانه وتعالى خالق مختلف عن المخلوق من كل وجه، ولهذا ينبغي الابتعاد عن الخيالات فيما يتعلق بصفات الله سبحانه وتعالى؛ فإنها فاسدة.
ومن المسائل التي يتحدث عنها: مسألة خلو العرش من الله سبحانه وتعالى.
ورد في الحديث: (هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟) فينبغي إدراك هذه المسألة بشكل جيد، وأن الحديث في الصفات هو فرع عن الحديث في الذات.
يقول: (بلا كيف جل الواحد المتمدح إلى طبق الدنيا يمن بفضله فتفرج أبواب السماء وتفتح).
وهذا يدل على أن صفات الله عز وجل لها جانبان: الجانب الأول: تحقيق هذه الصفات كما وردت في القرآن والسنة، وإثباتها كما أثبتها الله، وكما أثبتها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والجانب الثاني: الاستفادة الإيمانية والتربوية من هذه الصفات، فصفة النزول نحن في كثير من الأحيان نمر عليها بشكل نظري، وننسى أن هذا يدل على رحمته سبحانه وتعالى بعباده، وأنه يقول: هل من تائب؟ هل من مستغفر؟ وهذا يدل على عظيم رحمته وسعة رحمته سبحانه وتعالى، وأن الإنسان ينبغي أن يتعرض لفضل الله عز وجل وكرمه، وأن يستفيد من هذه الأوقات الفاضلة، ويتوب إلى الله عز وجل ويعود إليه.
فصفات الله عز وجل لها جانبان: الجانب الأول: جانب تصحيح، وهذا الذي عليه أكثر الدراسات الموجودة الآن في العقيدة.
الجانب الثاني: جانب تزكية، وهي تزكية النفس بصفات الله تعالى، وتزكية النفس بأسمائه سبحانه وتعالى.
يقول: (يمن بفضله فتفرج أبواب السماء وتفتح يقول: ألا مستغفر يلق غافراً ومستمنح خيراً ورزقاً فيمنح روى ذاك قوم لا يرد حديثهم).
لأن حديث النزول بلغ حد التواتر كما قال أهل العلم.
(ألا خاب قوم كذبوهم وقبحوا).
يقصد بذلك أهل البدع والضلالة الذين حرفوا هذه الصفة عن وجهها الصحيح.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: [ومن السنة: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا)].
هذا الحديث هو الحديث الذي سبق وأن أشرنا إليه، والشيخ الموفق ابن قدامة في قضية النزول لم يتحدث إلا من خلال هذا الحديث فقط.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: [مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟) متفق عليه].
هذا ما ذكره شيخ الإسلام أيضاً في هذه الصفة؛ فإنه ساق الحديث المشهور في الصحيحين الوارد في صفة النزول.