[التحذير من الغلو في المشايخ كأهل البدع والمنحرفين]
قال المؤلف رحمه الله: [تنبيه مهم: أعيذك بالله من صنيع الأعاجم والطرقية، والمبتدعة الخلفية، من الخضوع الخارج عن آداب الشرع، من لحس الأيدي، وتقبيل الأكتاف، والقبض على اليمين باليمين والشمال عند السلام، كحال تودد الكبار للأطفال، والانحناء عند السلام، واستعمال الألفاظ الرخوة المتخاذلة: سيدي مولاي ونحوها من ألفاظ الخدم والعبيد، وانظر ما يقوله العلامة السلفي الشيخ محمد البشير الإبراهيمي الجزائري، المتوفى سنة ألف وثلاثمائة وثمانين من الهجرة رحمه الله تعالى في (البصائر) فإنه فائق السياق].
لا شك أن طرق الصوفية فيما يتعلق بتعظيم الشيوخ، واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ونحو ذلك مذموم، والحقيقة أننا -شباب الدعوة الإسلامية خصوصاً- لا يوجد فينا ولله الحمد مثل هؤلاء الطرقية الذين يصلون إلى هذا التعظيم غير المطلوب، وإلى هذه الطريقة المبتذلة، والأساليب المذمومة، لكن في نفس الوقت نحن بحاجة إلى البعد عن جفاء أهل العلم، وعن نقدهم وذمهم، فتجد في بعض الأحيان شاباً لم يحصل شيئاً من العلم الشرعي ينتقد أهل العلم أو يذمهم أو يتكلم عليهم بكلام لا يليق، ونحن بحاجة إلى موازنة دقيقة بين عدة أمور: الأمر الأول: ألا نغلو في أهل العلم حتى نصبح مثل الصوفية.
والأمر الثاني: ألا نجفو أهل العلم حتى نصبح مثل الخوارج الذين كفروا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتجرءوا عليهم، وذموهم واحتقروهم، وخرجوا عليهم فقاتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في النهروان.
الأمر الثالث: أن يكون الإنسان أديباً محترماً صاحب خلق حسن مع أهل العلم، فيتهم رأيه قبل رأي العلماء.
الأمر الرابع: ألا يتتبع الإنسان رخص العلماء، بحيث يأخذ في كل مسألة من المسائل رخصة من عالم من العلماء، وقد قيل: من تتبع رخص العلماء تزندق.
الأمر الخامس: ألا نتبع أهل العلم إذا خالفوا الدليل الصريح، مع اعتقاد أنه لا يمكن أن يجتمع العلماء جميعاً على مخالفة الدليل الصريح.
ولهذا نحن بحاجة أيضاً إلى فقه يميز لنا بين العلماء الربانيين الصادقين الذين نتكلم عنهم الآن أنهم أهل الاحترام وأهل المحبة وأهل التقدير حتى لو أخطئوا، وبين علماء السوء والشر والعياذ بالله، والفاصل بينهم واضح، فإن العلماء الربانيين لهم سمات ظاهرة فهم الذين يصلحون ما يفسده الناس، ويجتهدون في الإصلاح.
وأما علماء السوء والعياذ بالله، فهم الذين يخالفون النصوص الصريحة الواضحة في كتاب الله سبحانه وتعالى لمصالح شخصية، أو الذين انشغلوا عن العلم بالأمور الدنيوية، والتفتوا إليها وابتعدوا كل البعد عن العلم، وعن أهل العلم.
فمثلاً من يفتي بإباحة الربا -والعياذ بالله- لا يمكن أن يكون عالماً معتبراً شرعاً، وكذلك من يفتي بأن اليهود والنصارى جميعاً إخوان لنا، وأننا سنلتقي معهم في الجنة، وأن النصرانية طريق إلى الله، والإسلام طريق إلى الله، واليهودية طريق إلى الله، هذا لا يمكن أن يكون عالماً بالمواصفات الشرعية التي سبق أن قلناها.
ولهذا فالفهم والفقه في هذا الأمر دقيق للغاية، فينبغي للإنسان أن يتربى على الفقه، وأن يبتعد عن الغلو، وأن يبتعد أيضاً عن التفريط فكلاها مذموم.
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد كلا طرفي قصد الأمور ذميم