بالنسبة للمحور الذي ما زلنا نتحدث فيه هو صفات الله عز وجل وأسمائه، وسبق أن قدمنا بقاعدة أهل السنة والجماعة في هذا الباب، وبينا كيف أن أهل السنة والجماعة يثبتون هذه الصفات لله عز وجل، وينفون عنها مشابهة المخلوقات، وبينا أن المبتدعة لم يستطيعوا تفهم كيفية الإثبات مع نفي المشابه، وظنوا أن هناك تلازماً أكيداً بين إثبات الصفات ومشابهة المخلوقات، وظنوا أن كل من يثبت الصفات الواردة في النصوص الشرعية لابد أن يعتقد أنها مشابهة للمخلوقات.
وبينا سابقاً أن هذا لا يلزم، وأن الفارق بين الخالق والمخلوق من الأمور الضرورية في نفس الإنسان، وأنه إذا وصف الله عز وجل بصفات فإن هذه الصفات حتى ولو كان العقل لا يدرك منها إلا الشيء الموجود في الظاهر بالنسبة لديه وهي صفات المخلوقين، فإن هذا لا يعني أن هذا واقع على صفات الله سبحانه وتعالى، ولهذا نجد أن هؤلاء المعطلة يثبتون بعض الصفات، وينفون عنها المشابهة، فنقول لهم: كيف تثبتون هذا البعض؟ فإذا قلتم: ننفي عنه المشابه، قلنا: وكذلك بقية الصفات نثبتها لله وننفي عنها مشابهة المخلوقات.
فإن قالوا: لا، إذا أثبتم لزمت المشابهة، قلنا: وكذلك إذا أثبتم صفة العلم والقدرة والإرادة ونحو ذلك لزمت المشابهة.
قالوا: نحن ننفي مشابهة صفات المخلوق.
قلنا: وكذلك هنا، فليس هناك فرق بين هذا وذاك، فالجميع صفات لله عز وجل.
حتى ولو أن المتكلم معنا جهمي ينكر الأسماء والصفات جميعاً، فإنا نقول: هل تعتقد أن الله عز وجل موجود؟ فإن قال: نعم أعتقد أن الله موجود، فإنه يلزمه أن يقول: وجود الله مختلف عن وجود المخلوق؛ لأن الله عز وجل له صفة تختلف عن صفة المخلوق، فإن قال ذلك، قلنا: إذا كان وجوده غير وجود المخلوق وأنه لا يشبهه، فكذلك ما يتعلق ببقية صفاته، فهي ليست كالمخلوق، وقد تحدثنا عن هذا بشيء من التفصيل والإطالة في المرة الماضية.
وفي الدروس القادمة إن شاء الله نتحدث عن صفات الله عز وجل بشكل مفصل، فالكلام الأول كان كلاماً إجمالياً، والآن سيكون الكلام كلاماً تفصيلياً بإذن الله تعالى، وقبل أن نتحدث بشكل تفصيلي نبحث هنا مسألة وهي: