للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كلام ابن أبي داود في الحائية في وجوب التزام الكتاب والسنة في باب العقائد]

قال الشيخ أبو بكر بن أبي داود رحمه الله: [تمسك بحبل الله واتبع الهدى ولا تك بدعياً لعلك تفلح ودن بكتاب الله والسنن التي أتت عن رسول الله تنج وتربح] هذه قاعدة عامة في باب الأسماء والصفات وفي غيره من الأبواب، وهي أن الالتزام بالكتاب والسنة هو الموصل إلى العقيدة الصحيحة في كل باب.

وينبغي البعد غاية البعد عن البدع، والبدعة هي الاختراع في الدين والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بهذا الاختراع الذي يخترعه العبد، سواء في باب العلميات وهي العقائد أو في باب العمليات وهي العبادات.

فليست البدعة هي مطلق الاختراع، وإنما الاختراع ما كان منسوباً إلى الدين وليس عليه دليل من الكتاب والسنة، فلا شك في كونه حينئذٍ من البدع.

ونحن لا نسمي المصطلح مصطلحاً شرعياً إلا إذا كان هذا المصطلح في القرآن أو السنة؛ لأن الشرع هو كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا كان هناك مصطلح معناه صحيح وليس فيه معان باطلة فهذا لا إشكال فيه، ولهذا لا يزال أهل العلم منذ زمن الصحابة يفصلون المسائل ويقسمونها، فأصول الفقه فيه تقسيمات، ومصطلح الحديث فيه تقسيمات، واللغة فيها تقسيمات وكذلك كافة العلوم.

ومن الطبيعي أن الإنسان إذا كان لديه معنى من المعاني يمكن له أن يقسمه وأن يفصله وأن يسمي كل قسم من الأقسام باسم، وليس في التسمية مشكلة إذا كان المعنى صحيحاً، ولهذا لم ينكر السلف مصطلحات الفناء والكشف والجوهر والحيز والجهة على الصوفية والمتكلمين بسبب أنها مصطلحات جديدة، وإنما أنكروها لأنها تتضمن معاني تناقض المعاني الشرعية، فالسلف لم ينكروا مصطلح الفاعل والمفعول به والمفعول المطلق، والمرسل، والمقيد، والمعنعن، والمعلل أو المعل ونحو ذلك؛ لأن المعاني التي تضمنتها معان صحيحة، وإنما أنكروا المصطلحات التي تكون معانيها باطلة.

وبهذا نعلم فساد قول من يرى أن مصطلح (العقيدة) مصطلح بدعي؛ لأن كلمة (العقيدة) لم ترد في الكتاب ولا في السنة، فأنتم بهذا قد وقعتم في بدعة! نقول: كلمة (العقيدة) أصلاً مأخوذة من عقد الحبل إذا وثقته، فالمقصود منه: هل عقدتم الأيمان، يعني: وثقتموها، فالعقد المقصود به التوثيق الذي يدل على معنى اليقين، فالمقصود أن ما يعتقده الإنسان ويوقن به يمكن تسميته عقيدة، فهل هذا يتضمن معنى فاسداً؟ لا يتضمن معنى فاسداً، ولهذا لا يصح الإنكار من هذه الزاوية، فهو إنكار ناقص، ويدل على ضعف علم عند مثل هذا الشخص.

<<  <  ج: ص:  >  >>