[كلام شيخ الإسلام عن صفة العلو في الواسطية]
قال ابن تيمية رحمه الله: [وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥] في سبع مواضع: في سورة الأعراف، قوله: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف:٥٤]].
هذه تدل على صفة فعلية وهي الاستواء، وهي تدل على صفة ذاتية وهي العلو لله سبحانه وتعالى.
قال: [وقال في سورة يونس عليه السلام: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس:٣].
وقال في سورة الرعد: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الرعد:٢].
وقال في سورة طه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥].
وقال في سورة الفرقان: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [الفرقان:٥٩].
وقال في سورة ألم السجدة: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة:٤].
وقال في سورة الحديد: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد:٤]].
هذه سبعة مواضع فيها إثبات صفة الاستواء لله سبحانه وتعالى كما يليق بجلاله، ومعناها: أن الله سبحانه وتعالى صعد على العرش، وأنه فوق العرش سبحانه وتعالى، وورد في بعض النصوص إثبات صفة الجلوس، فيكون بنفس معنى الاستواء، ويكون سبحانه وتعالى مختلفاً عن خلقه، ولا يشبه خلقه بشيء من ذلك.
قال: [وقوله: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران:٥٥]].
أورد قوله: {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}؛ لأن الرفع يكون من أسفل إلى أعلى، فلو كان في كل مكان كما يقولون لما قال: {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران:٥٥].
ولو كان لا داخل العالم ولا خارج العالم وليس في مكان كما يقول هؤلاء؛ لما كان هناك معنى لقوله: ((وَرَافِعُكَ إِلَيَّ)) لكن لما كان (رافعك إلي) نصاً صريحاً في الارتفاع من الأسفل إلى الأعلى دل ذلك على أن الله عز وجل في العلو.
قال: [وقوله: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء:١٥٨] وقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:١٠].
وقوله: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر:٣٦ - ٣٧]].
هذا فرعون علم أن إله موسى في السماء، كيف عرف؟ من وجهين: الوجه الأول: ما في فطرته من كون الإله في السماء.
الوجه الثاني: ما فهمه من دعوة موسى أن الإله في السماء.
وهذا يدل على أن دعوة الأنبياء في باب التوحيد واحدة.
قال: [وقوله: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} [الملك:١٦ - ١٧]].