قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه حلية طالب العلم:[الفصل الأول: آداب الطالب في نفسه.
الأول: العلم عبادة، أصل الأصول في هذه الحلية بل ولكل أمر مطلوب علمك بأن العلم عبادة، قال بعض العلماء: العلم صلاة السر، وعبادة القلب].
هذه المقدمة التي بدأ بها الشيخ في آداب الطالب مع نفسه هي مقدمة مهمة جداً؛ لأن فيها تحديد الهدف من طلبنا للعلم، هل نحن نريد أن نطلب العلم لأننا نجد متعة في طلب العلم؟! أما أننا نطلب العلم من أجل أن يشار إلينا بالبنان وأن نمدح في المجالس وأن نكون فصحاء في كتابتنا ومقالتنا، أو من أجل أن يتخرج الإنسان بدرجة علمية معينة أو أي غرض من أغراض هذه الدنيا الحقيرة الدنيئة؟! ولهذا لا بد لطالب العلم منذ أن يضع قدمه على هذا الطريق أن يحدد الهدف الأساسي من طلبه للعلم، فإنه إذا فهم أن طلب العلم عبادة فإنه سيقوم بحق هذه العبادة، وهو أن يفرد هذه العبادة لله عز وجل، فلا يطلب العلم لأي غرض من أغراض الدنيا، بل يعطي هذا العلم حقه من حيث الاهتمام بمعرفة المنهج الشرعي الرباني في هذا العلم، وهكذا يترتب على تحديد هذا الهدف قضايا كثيرة، وخصال كثيرة، وآداب كثيرة، وإرادات كثيرة، ولهذا ينبغي للإنسان دائماً أن يستحضر في طلبه للعلم في كل أحواله أنه يؤدي عبادة لله عز وجل، وينبغي عليه أن يحتسب ذلك عند الله عز وجل فإن له به أجراً، وله عند الله سبحانه وتعالى درجة، فهو مثل العابد الذي يصوم، ويصلي، ويزكي، ويتصدق ونحو ذلك، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم) وهكذا طلب العلم عندما يتعب الإنسان نفسه بطلب العلم يكون عابداً لله سبحانه وتعالى، لكن بشرط أن يكون مخلصاً لله عز وجل وأن يبتغي بذلك وجه الله سبحانه وتعالى، وأن يجتهد غاية الاجتهاد في تخليص نيته وإرادته من الشوائب الدنيوية الحقيرة.