والمجيء والإتيان بمعنى واحد، يقول الله عز وجل:{هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ}[البقرة:٢١٠].
ويقول:{هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ}[الأنعام:١٥٨] وهذا محل الشاهد، {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ}[الأنعام:١٥٨].
ويقول:{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا}[الفرقان:٢٥] وهذه الآية وحدها لا تستقل بإثبات صفة المجيء والإتيان والنزول بالنسبة لله عز وجل، فالتنزيل هنا مضاف إلى الملائكة، لكن لابد أن نربط بين هذه الآية وبين الآية الأولى:{هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ}[البقرة:٢١٠]، فالظلل من الغمام في آية البقرة هي الغمام الموجودة في آية الفرقان.
ولهذا فالأدلة تنقسم إلى قسمين: دليل بسيط كما يسمونه أو دليل مفرد، ودليل مركب، والدليل البسيط أو الدليل المفرد هو أن يكون الدليل مستقلاً بالدلالة في ذاته، يعني: أن تأخذ الدلالة من الدليل لوحده دون أن يكون هناك ارتباط بأدلة أخرى، والدليل المركب: هو أن يكون الدليل لا يستقل بالاستدلال لوحده، لكن إذا ضممته بضميمة أخرى معه اتضح المقصود من ذلك.
قال الله عز وجل:{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا}[الفرقان:٢٥] فهنا ثلاثة أشياء: تشقق السماء، والغمام، وتنزل الملائكة، وهي نفسها الموجودة في آية البقرة:{هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ}[البقرة:٢١٠] وهذا يدل على أن الملائكة نزلت، {وَقُضِيَ الأَمْرُ}[البقرة:٢١٠] أي: انتهى الأمر، وانتهاء الأمر يكون بتشقق السماء كما هو معروف.