وَسمعت ابْن أبي عمرَان يَقُول كَانَ متأخري أَصْحَابنَا مِنْهُم مُحَمَّد بن شُجَاع يَقُولُونَ كل دين كَانَ أَصله من مَال وَقع فِي يَدي الْمَدِين كأثمان الْبياعَات وَالْعرُوض وَنَحْوهَا حَبسه وَمَا لم يكن أَصله من مَال وَقع فِي يَده مثل الْمهْر وَالْخلْع والصلع من دم الْعمد وَنَحْوه لم يحْبسهُ حَتَّى يثبت وجوده وملأه
وَقَالَ مَالك لَا يحبس الْحر وَالْعَبْد فِي الدّين وَلَا يستبرأ أمره فَإِن اتهمَ قد خبأ مَالا أَو عينه حَبسه وَإِن لم يجد لَهُ شَيْئا لم يحْبسهُ وخلاه
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَ مُوسِرًا حبس وَإِن كَانَ مُعسرا لم يحبس
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا ثَبت عَلَيْهِ دين بيع مَا ظهر لَهُ وَدفع وَلم يحبس وَإِن لم يظْهر حبس وَبيع مَا قدر عَلَيْهِ من مَاله فَإِن ذكر عسرة قبلت مِنْهُ الْبَيِّنَة لقَوْل الله تَعَالَى {وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة} وأحلفه مَعَ ذَلِك بِاللَّه وأخليه وَأَمْنَع غرماءه فِي من لُزُومه
قَالَ أَبُو جَعْفَر الصَّحِيح وجوب حَبسه سَوَاء كَانَ الدّين من أصل مَال أَو غير مَال
فَإِن قيل إِذا كَانَ عَن أصل مَال فقد علم يسَاره حبس وَإِذا كَانَ من غير أصل فَلم يعلم فَلَا يحبس لِأَن الْحَبْس عُقُوبَة وَلَا يُعَاقب من لم يثبت ظلمه
قيل لَهُ قد تعدى القَاضِي عَلَيْهِ بِنَفس الدَّعْوَى ويحضره ويحول بَينه وَبَين تصرفه وأشغاله قبل أَن يثبت الْحق عَلَيْهِ وَمِمَّا قد ثَبت من الدّين أولى أَن يحبس بِهِ وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَهُ لُزُومه مِقْدَار مجْلِس القَاضِي واللزوم عُقُوبَة وَقد أثبتوه