وَقَوله تَعَالَى {فَاعْفُ عَنْهُم وَاصْفَحْ} وَنَحْوهَا من الْآي ثمَّ أنزل عَلَيْهِ بعد ذَلِك {وَلَا تقاتلوهم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} فأباح قتال من قَاتله وَلم يبح قتال من لم يقاتله
وَفِي ذَلِك مَا كَانَ الْإِسْلَام يبشر وَيُقِيم الْحجَّة بِهِ على من لم يكن علمه قبل ذَلِك من الْكفَّار ثمَّ أنزل عَلَيْهِ {قَاتلُوا الَّذين يلونكم من الْكفَّار} فَأطلق لَهُ وَلِلْمُؤْمنِينَ الَّذين اتَّبعُوهُ قتال من يليهم من الْكفَّار قاتلوهم قبل ذَلِك أَو لم يقاتلوهم
وَلم يبح قتال من لم يَله وَلذَلِك زِيَادَة فِي انتشار الْإِسْلَام فِي سَائِر الْبلدَانِ
ثمَّ أنزل عَلَيْهِ {وقاتلوا الْمُشْركين كَافَّة كَمَا يقاتلونكم كَافَّة} فَأمر بِقِتَال الْمُخَالفين لدين الْإِسْلَام كَافَّة حَتَّى لَا يكون دين إِلَّا دين الله تَعَالَى تعبد بِهِ عباده
وَقد تقدّمت معرفَة النَّاس جَمِيعًا بِالْإِسْلَامِ وَعَلمُوا منابذته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أهل سَائِر الْأَدْيَان وَلم يذكر فِي شَيْء من الْآي الَّتِي أَمر فِيهَا بِالْقِتَالِ ذكر دُعَاء من أَمر بِقِتَال لأَنهم قد علمُوا خِلَافه لَهُم وَمَا يَدعُوهُم إِلَيْهِ
وَقد روى سُفْيَان عَن ابْن أبي نجيح عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَا قَاتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قوما حَتَّى يَدعُوهُم