بِالْبَيِّنَةِ على من قتل قَالُوا مَا لنا بَيِّنَة قَالَ أفيحلفون لكم قَالُوا لَا نرضى بأيمان الْيَهُود فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يبطل دَمه فوداه بِمِائَة من إبل الصَّدَقَة
فَذكر فِي هَذَا الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طلب مِنْهُم الْبَيِّنَة فَلَمَّا أَخْبرُوهُ أَن لَا بَيِّنَة لَهُم قَالَ أيحلفون لكم وَلَيْسَ فِيهِ خلف من الْآثَار فَهَذَا أشبه وَأولى مِمَّا رُوِيَ على مَا ذَكرْنَاهُ دلّ كَقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أعطي النَّاس بدعاويهم لادعى نَاس دِمَاء رجال وَأَمْوَالهمْ وَلَكِن الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على الْمُدعى عَلَيْهِ
وروى معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي سَلمَة وَسليمَان بن يسَار عَن رجال من الْأَنْصَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْيَهُود بدأبهم يحلف مِنْكُم خَمْسُونَ فَأَبَوا فَقَالَ للْأَنْصَار استحقوا فَقَالُوا نحلف على الْغَيْب فَجَعلهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِيَته على الْيَهُود وَلِأَنَّهُم وجد بَين أظهرهم
فَفِي هَذَا الحَدِيث قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْيَهُود يحلف مِنْكُم خَمْسُونَ وإبائهم لذَلِك وَقَوله للْأَنْصَار استحقوا وإبائهم ذَلِك وَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك بدية ذَلِك الْقَتِيل على الْيَهُود لوُجُوده بَينهم
فَدلَّ على أَن الدِّيَة مُسْتَحقَّة بوجد الْقَتِيل وَهَذَا مَا فِي حَدِيث بشير بن يسَار وَهُوَ أولى مِنْهُ لِاسْتِقَامَةِ طَرِيقَته لِأَن بشير بن يسَار لَيْسَ كَأبي سَلمَة وَلَا كسليمان بن يسَار لَا سِيمَا وَقد رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب مُوَافقَة ذَلِك
فَإِن قيل فَمَا معنى قَوْله فِي هَذَا الحَدِيث استحقوا قيل مَعْنَاهُ أَي استحقوا بِمَا يُوجب الِاسْتِحْقَاق دَمه وَهُوَ الْبَيِّنَة وَهُوَ الْقود لِأَن الْمُسْتَحق قبل الْبَيِّنَة هُوَ الدِّيَة