قيل لَهُ يحْتَمل أَن يكون ذَلِك على جِهَة اخْتِيَار الْحَالِف لذَلِك لَا على إِيجَاب الْحَاكِم ذَلِك عَلَيْهِ وَقَالَ الله تَعَالَى {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ} الْآيَة آل عمرَان ٧٧ وَلم يفرق بَين شَيْء من الْأَمَاكِن وَإِذا رأى الْحَاكِم أَن إحلافه فِي بعض الْمَوَاضِع أزْجر لَهُ عَن الْيَمين الكاذبة جَازَ أَن يَفْعَله وَكَانَ حسنا وَلما اتَّفقُوا فِيمَا هُوَ أقل من ربع دِينَار أَنه لَا يسْتَحْلف إِلَّا فِي مَوضِع الْخُصُومَة كَذَلِك مَا فَوْقه وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} يُوجب التَّسْوِيَة بَين الْقَلِيل وَالْكثير فِي حكم الْيَمين
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالزِّيَادَة على قَوْله بِاللَّه على وَجه التَّأْكِيد لَا معنى لَهُ فِي الْقيَاس لِأَن الْوَعيد لَا حق لمن حلف بِاللَّه كَاذِبًا وَإِن لم يؤكده وَلِأَن كَفَّارَة الْيَمين تتَعَلَّق بهَا مَعَ عدم التَّأْكِيد فِيهَا وَلَا فرق فِي الْقيَاس بَين الْقسَامَة وَغَيرهَا من الْأَيْمَان وَمن زَاد فِي الْقسَامَة فَإِنَّمَا زَاده اتبَاعا لَا قِيَاسا
وَأما من أجَاز لوَلِيّ الْقَتِيل الْحلف على الْمُدعى عَلَيْهِ أَنه فعله فَإِن ذَلِك مِمَّا لَا يحل لِأَنَّهُ مُدع لما لَا يعلم وَقد نَهَاهُ الله تَعَالَى عَن ذَلِك بقوله {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} الْإِسْرَاء ٣٦ كَمَا لَا يَسعهُ أَن يَقُول ذَلِك فِي غير الْقسَامَة والقسامة أَحْرَى بذلك
وَأما قَول من يسْتَحْلف الْمُدعى عَلَيْهِم مَا قتلنَا وَلَا علمنَا قَاتلا إِنَّمَا هُوَ إِضَافَة إِلَى الْجُمْلَة وَأما الْوَاحِد إِذا حلف فَإِنَّهُ يحلف مَا قتلت وَلَا علمت قَاتلا وَلَا يسْتَحْلف الْوَاحِد مَا قتلنَا وَلَا علمنَا قَاتلا لِأَن ذَلِك يَمِين على فعل الْغَيْر مَا قتل وَذَلِكَ غيب لَا يسع الْحلف عَلَيْهِ فَإِن رأى الْحَاكِم توكيد الْيَمين وَلم يأب ذَلِك المستحلف كَانَ مَا رَوَاهُ أَسد عَن مَالك من قَوْله وَالَّذِي يعلم من السِّرّ وَالْعَلَانِيَة أحسن مِمَّا ذَكرْنَاهُ عَن أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ الَّذِي يعلم من السِّرّ مَا يعلم من الْعَلَانِيَة لِأَن ذَلِك خُصُوصِيَّة وَقَوله الَّذِي يعلم السِّرّ وَالْعَلَانِيَة يعم ذَلِك وَيزِيد عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute