أَحْسَنت طف بِالْبَيْتِ والصفا والمروة ثمَّ أحل فَكنت أفتى النَّاس بذلك حَتَّى كَانَ زمن عمر فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ كتاب الله يَأْمُرنَا بالتمام وَسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لم يحل حَتَّى بلغ الْهَدْي مَحَله
فَفِي ذَلِك إِنْكَار عمر على أبي مُوسَى مَا كَانَ يُفْتِي بِهِ من الْإِحْلَال قبل الْوُقُوف بِعَرَفَة فَدلَّ ذَلِك على أَن إِحْرَام أبي مُوسَى كَانَ بِالْحَجِّ دون الْعمرَة لِأَنَّهُ لَو كَانَ بِالْعُمْرَةِ لم يُنكر عَلَيْهِ وَقد كَانَ عمر شَاهدا حجَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأفعاله وأقواله فِيهَا فَلم يكن عِنْده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه خَرجُوا فِيهَا إِلَى عمْرَة
وروى حَفْص بن غياث عَن يحيى بن سعيد قَالَ حَدثنِي المرقع الأسيدي قَالَ أَبُو ذَر لَا وَالَّذِي لَا إِلَه غَيره مَا كَانَ لأحد أَن يهل بِحجَّة ثمَّ يفسخها بِعُمْرَة إِلَّا الركب الَّذين كَانُوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَمثل هَذَا لَا يُقَال إِلَّا توقيفا
وَقد روى الدَّرَاورْدِي عَن ربيعَة الرَّأْي عَن الْحَارِث بن بِلَال الْمُزنِيّ عَن أَبِيه قَالَ قلت يارسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَأَيْت فسخ حجنا هَذَا لنا خَاصَّة أم للنَّاس عَامَّة فَقَالَ بل لكم خَاصَّة
فقد أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الحَدِيث أَنه لَهُم خَاصَّة
فَإِن قيل المرقع الأسيدي والْحَارث ليسَا بمشهورين فِي الرِّوَايَة
قيل لَهُ قد روى الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن ابيه قَالَ قَالَ أَبُو ذَر إِنَّمَا كَانَت الْمُتْعَة لنا خَاصَّة أَصْحَاب مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مُتْعَة الْحَج
وَهَذَا حَدِيث لَا مطْعن عَلَيْهِ فَإِن كَانَ الصَّحِيح مَا تقدم ذكره وَهَذِه