للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل سراة قومك لم يجاروا ... إلى ربع الرهان ولا الثمين

وكان الشماخ قدم المدينة فقال له عرابة: ما أقدمك؟ فقال: قدمت لأمتار. فملأ له عرابة رواحله تمرا وبرا وأعطاه غير ذلك فقال فيه ما تقدم. وقول ذي الرمة يمدح بلال بن أبي رباح:

إذا أبن أبي موسى بلالاً بلغته ... فقام بفأس بين وصليكِ جازرُ

غي إنّه يعاب على هذين الشاعرين أن جعلا جزاء الراحلة التي بلغتهما ذلك المأمول العظيم والمطلب الخطير شرا، وما كان ينبغي لهما أن ينظرا لها عند الاستغناء عنها ويكافئها خيرا بما قضيا منها كما أشار إليه أبلغ البلغاء وأحكم الحكماء صلى الله عليه وسلم حيث وردت المرأة راكبة على ناقته فقالت: إني نذرت إن نجوت عليها أن أنحرها. فقال صلى الله عليه وسلم: بئس ما جزيتها! لا نذر في معصية الله ولا نذر للإنسان في غير ماله. أو كما قال صلى الله عليه وسلم وعلى هذا المنزع العجيب النبوي كان قول أبن رواحة السابق. وقول أبي نواس في محمد الأمين بن هارون الرشيد، وأوضح هذا المعنى:

وإذا المطي بنا بلغنا محمدا ... فظهورهن على الرجال حرامُ

قربننا من خير من وطئ الثرى ... فلها عينا حرمة وذمامُ

وقول الفرزدق:

متى تردى الرصافة تستريحي ... من التهجيري والدبر الدوامي

ولهذا الشعر قصة تذكر بعد إن شاء الله تعالى. والعذر للأولين أن الدعاء عليها في نحو ذلك أبلغ في التنبيه على الاستغناء عنها وعدم الالتفات إليها. وليس هذا المعنى ملحوظا في قصة المرأة فليس يقاس عليه. ومن هذا الباب قول السلامي:

إليك طوى عرض البسيطة جاعل ... قصار المطايا أن يلوح لها القصرُ

ولعل السابق إلى هذا المعنى الأعشى القيسي في قصيدته التي توجه بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>