وإنَّ قصارى مسكن الحي حفرة ... سينزلها مستنزلا عن قبابه
فواها لعبد ساءه سوء فعله ... وأبدى التلافي قبل إغلاق بابه
وقال أيضاً:
اصرف بصرف الراح عنك الأسى ... وروح القلب ولاتكتئب
وقل لمن لامك فيما به ... تدفع عنك الهم: قدك اتئب!
وهذا مما يتمثل به أهل المجون لكنه بصدد أن يستعمل في الجد وخمر المحبة والعرفتن والأنس الرحماني، يعرف ذلك ذوو البصائر. وقال أيضاً:
فإنَ فطنتم للحن القول بان لكم ... صديقي ودلكم طلعي على رطبي
وإن شهدتم فإنَ العار فيه على ... من لا يميز بين العود والخشب
وقال الآخر:
ومن لا يغمض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتبُ
ومن يتتبع حاهداً كل عثرةٍ ... يجدها ولا يبقى له الدهر صاحبُ
وتقدم هذا المعنى وما فيه.
ويحكى أنَّ يزيد بن عبد الملك بلغه أيام خلافته أنَّ أخاه هشاماً ينتقصه. فكتب إليه معاتبا له: مثلي ومثلك كما قال الأول:
تمنى رجالٌ أن أموت فإن أمت ... فتلك طريق لست فيها بأوحدِ
لعل الذي يبغي ردائي ويرتجي ... به قبل موتي أن يكون هو الردي
فكتب إليه هشام إنّما مثلي ومثلك كما قال الأول:
ومن لا يغمض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
فكتب إليه يزيد: نحن مغتفرون لك ما كان منك، حفظا لوصية أبينا فينا، وحضه إيانا على إصلاح ذات البين، وأنا أعلم كما قال معن بن أوس:
لعمرك ما أدري لأوجل ... على أينا تعدو المنية أولُ
وإني على أشياء منك تريبني ... قديما لذو صفحٍ على ذاك مجماُ