ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني ... يمينك فانظر أي كفٍّ تبدلُ!
إذا سؤتني يوما رجعت إلى غدٍ ... ليعقب يوماً منك آخر مقبلُ
ويركب حدّثني السيف من أن تضيمه ... إذا لم يكن عن شفرة السيف مزحلُ
وفي الناس إن رثت حبالك واصلٌ ... وفي الأرض عن دار القلى متحولُ
إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكن ... إليه بوجهٍ آخر الدهر تقبلُ
فلما جاء الكتاب هشاما رحل إليه فلم يزل في جواره حتى مات خوفا من شر الوشاة.
وقال المولى أبو حمو موسى بن يوسف الملك الزياني:
الحب اضعف جسمي فوق ما وجبا ... والشوق رد خيالي بالسقام هبا
والبين أشعل نار الوجد في كبدي ... والدمع يضرمها في القلب واعجبا!
وماءٌ ونارٌ وأكبادي لها حطبٌ ... لكن عذابي به للحب قد عذبا
ما كنت أدريهما حتى صحبتهما ... كرهاً وقد يكره الإنسان من صحبا
وقال الآخر:
كل يومٍ قطيعةٌ وعتابٌ ... ينقضي دهرنا ونحن غضاب
ليت شعري فهل خصصت بهذا ... أنا وحدي أم هكذا الأحبابُ؟
وتقدم هذا الشعر إلاّ أنَّ له حكاية تذكر.
قال الجاحظ: بعث إلي المتوكل لتأديب ولده. فلما رآني استبشع منظري وأمر لي بعشرة آلاف درهم وصرفني. فلما خرجت من عنده لقيت محمد بن إبراهيم يريد الانحدار في سفينة إلى مدينة السلام، فركبت معه. فأمر يوما بنصب أستاره وأمر عوادة عنده أن تغني، فأخذت العود وغنت: كل يوم قطيعة وعتاب البيتين ثم سكتت. فأمر طنبورية كانت عنده أن تغني فأخذت الطنبور وغنت:
وارحمة للعاشقين ... ما أرى لهم معينا!
كم يظلمون ويهجرو ... ن ويقطعون فيصبرون!
فقالت العوادة: وماذا يصنعون؟ فقالت: يصنعون هكذا! فهتكت الستارة ورمت بنفسها في الماء. وكان على رأس محمد غلام مثلها في الجمال، بيده مدية. فلما رأى ما